يأجوج ومأجوج في التراث اليهودي

اضغط على الصورة لتكبيرها


بداية، ما يصطلح عليه بالتراث اليهودي أو الأدب الحاخامي هو مجموع النصوص الدينية المرتبطة بالديانة اليهودية عبر تاريخها. لكن الأدب اليهودي الذي نتحدث عنه في هذا المحور هو فقط المرتبط بالحقبة التلمودية، ويسمى بالعبرية سِيفْرُوتْ حَزَالْ، أي أدب الحكماء. 

ورد اسم يأجوج Gog في هذه النصوص والكتابات على وجه الخصوص في كتاب اليوبيلات الذي يعود للفترة بين 150 و170 سنة ق.م. حيث نقرأ في الاصحاح الثالث عشر عن تقسيم الأرض بين أبناء نوح الثلاثة، سام وحام ويافث. فنجد أن أرض جوج أو يأجوج تحدها أرض يافث. حسب المعلومات الجغرافية القديمة، فإن أرض يافث (أوربا) وأرض سام (آسيا) يحدهما نهر تينا أو تانايس (أو نهر الدون Don حاليا) الذي يصب في بحر معوط أو أزوف Sea of Azov. 

جبال ريفا المذكورة في نص الإصحاح هي جبال القوقاز الحد الشمالي الشرقي لأرض يافث. وصف أرسطو هذه الجبال بكونها مرتفعة جدا وكثيفة الثلوج على الدوام. إذن في كتاب اليوبيلات هذا، الذي يسمى أيضا سفر التكوين المصغر، نجد أن اسم جوج أو يأجوج يرتبط فقط بموقع جغرافي، ولا يشير إلى شخصية محددة عكس سفر التكوين في العهد القديم، فقد رأينا أنه يربط الاسم بأحد أبناء يافث. 

يعتقد الباحثون أن استخدام الاسمين بهذا الشكل في تلك الفترة، أي القرن الثاني قبل الميلاد، هو بسبب كونهما يحملان نفس المعنى، فيمكن أن يشيرا إلى منطقة جغرافية، أو إلى الشعب الذي يسكن تلك المنطقة، أو إلى الشخصية التي تحكم تلك المنطقة. أي أن السياق هو الذي يحدد المعنى المقصود. 

ننتقل الآن إلى القسم الثاني من نصوص الأدب الحاخامي والذي يربط اسمي يأجوج ومأجوج بأحداث مستقبلية تقع في آخر الزمان. هذا القسم من المصادر هو على شاكلة كتب التفسير والحديث والفقه عندنا في الإسلام، أي الكتب التي دونت الشريعة اليهودية وهي عدة أقسام مثل تارجوميم Targumim وميشناه Mishnah وميدراشيم Midrashim والتلمود Talmud. 

في تفسيرها للآيات سفر حزقيال Ezekiel وسفر العدد Numbers وسفر المزامير Psalms كرّست المصادر فكرة كون يأجوج ومأجوج العدو الأعظم لإسرائيل، لكنها في نفس الوقت لم تجمع على توقيت هذه الحرب المستقبلية ولا دور المسيح في هزيمتهم. هناك بعض الإشارات في الـ تارجوميم تربط هزيمة يأجوج ومأجوج بشخصية المسيح ابن داوود Messiah Ben David، أو المسيح ابن يوسف/جوزيف Messiah Ben Joseph. 

الجدير بالذكر أن نصوص الـ تلمود والـ مدراش تحدثت عن شخصية الاسكندر الأكبر، ووصفته بالملك والقاضي العظيم الذي أحبه اليهود. لكنها لم تربطه بقصة حبس يأجوج ومأجوج أو أي شعوب عدائية أخرى. هذه الفكرة وصلتهم لاحقا عن طريق ملحمة الاسكندر الإغريقية.

0 comments:

إضغط هنا لإضافة تعليق

إرسال تعليق

Blogger Widgets