خلاصة: هل خرج يأجوج ومأجوج؟


اضغط على الصور لتكبيرها


الحديث عن خروج يأجوج ومأجوج من عدمه لا يزال موضوعا يثير نقاشا طويلا وربما عقيما أيضا. فدعنا نمر على الآراء الثلاثة الموجودة على الساحة بعجالة حتى نختم الموضوع. 

الرأي الاول هو الرأي التقليدي،وهو أنهم لم يخرجوا بعد، لأن خروجهم من علامات الساعة الكبرى التي تحدث في نهاية الزمان، ووقت خروجهم لا يعلمه إلا الله تعالى. وهو الرأي نفسه القائل إن مكان السد غير معروف.

الرأي الثاني يقول إن جزء منهم فقط قد خرج، وهو التتار والمغول الذين اجتاحوا البلاد بما فيها بلاد المسلمين والعرب في القرن الثالث عشر ميلادي. والجزء الأكبر منهم ما زال خلف السد لحين قرب قيام الساعة. 

أما الرأي الأخير فهو يقول بخروجهم وانتهاء القصة. وعلى هذا الرأي نوعان من الناس، النوع الذي يقول إنهم المغول والتتر، والنوع الثاني يقول إن سبب غفلة المسلمين عن خروجهم هو التعامل الحرفي مع النصوص الدينية دون تعمق في فهمها واستنباط معانيها، ومن جملتهم الشيخ عمران حسين الذي يستشهد بنفس النصوص الدينية التي يستشهد بها أصحاب الرأي الأول ولكن بفهم وتفسير جديدين. 

أفضل الاحتفاظ برأيي الشخصي حيال هذه النقطة، وأدعوكم لتفعيل آلية البحث عندكم واستخدام المعلومات الواردة في هذه الحلقة للبناء عليها وإجراء بحوثكم الخاصة، وفي النهاية الخروج باستنتاجاتكم المناسبة. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

خلاصة: أين ردم يأجوج ومأجوج؟


اضغط على الصور لتكبيرها


من المؤكد أن ردم ذو القرنين هو بمكان ما في سلسلة جبال القوقاز العظيمة. والشواهد على ذلك كثيرة، ونظرا لأن جبال القوقاز بها ممران اثنان فقط يصلان الشمال مع الجنوب في المنطقة، فنحن أمام خيارين اثنين.

هناك من ذهب بالقول إن الردم هو نفسه بوابات قزوين The Caspian Gates أو معبر دربند The Pass of Derbent غرب بحر قزوين. وهي يشكل حصنا منيعا طوله أربعون كيلومترا يصد الممر الموجود هناك بين الجبال.

حسب المحققين التاريخيين فإن هذا السد المنيع لا يعود إلى الاسكندر الأكبر، بل على الأرجح إلى كسرى الأول الإمبراطور الساساني، فهو الذي بناه في القرن السادس ميلادي بعد وفاة الاسكندر بوقت طويل، ولكنه نُسب إلى الاسكندر في القرون اللاحقة.

الموقع الثاني هو معبر داريال غورج. وهذا الموقع هو الخيار الأرجح بنسبة كبيرة، وهو يقع بين الحدود الروسية الجورجية. حسب المحققين التاريخيين فإن ترميم السد في هذا المكان يعود لفترة لا تقل عن 150 سنة قبل الميلاد. مما يشير إلى أن بناءه كان في فترة سابقة. الردم نفسه غير موجود هناك اليوم، بل توجد فقط أنقاضه. 

هناك من يقول إن مكان الردم غير معروف، ويتجاهل كل الشواهد التاريخية والدينية المتوفرة، وبالتالي فهو لا يعترف بمعبر داريال أو دربند أو غيرهما. وليس لدينا ما نرد به على هذا الرأي. 

على ما يبدو، فإن بناء السدود في تلك المنطقة لصد القبائل الهمجية القادمة من الشمال كان فكرة سائدة في تلك المجتمعات.، ولكن ربما كانت طريقة البناء المستخدمة لا تلبي الغرض بالشكل المطلوب، ربما لسهولة تحطيمها أو تسلقها، ولهذا نجد أن ذا القرنين فضل بناء الردم بالطريقة المعروفة باستخدام الحديد والقطر ليكون حلا أكثر نجاعة. وهذا ما يؤكده القرآن الكريم بتيين استحالة نقبه أو حفره أو حتى تسلقه.

خلاصة: من هو ذو القرنين؟


اضغط على الصورة لتكبيرها


 من هو ذو القرنين هو السؤال الأبدي الذي سيظل يُطرح دائما، لعدم وجود أدلة قاطعة حول هويته. والخيارات المتاحة أمامنا تجعلنا نكون حياديين حولها عوض الانحياز لأي منها. 

الرأي الأول يقول إنه الاسكندر المقدوني الأكبر. فما ورد في سيرة الاسكندر في مختلف مصادرها يفيد بأنه بنى بوابة حديدية ليغلق ممرا بين جبلين في سلسلة القوقاز كانت تتخذه بعض القبائل العدائية منفذا للإغارة على القبائل المجاورة. لكن الاعتراضات القائمة هي أن الاسكندر في نفس القصص لم يكن موحدا لله عز وجل، بل وثنيا يعبد عدة آلهة، بالإضافة إلى كونه شخصا غير تقي وغير قويم في سلوكاته. وهذا ما يتعارض مع وصف القرآن لذي القرنين بتوحيد الله تعالى والصلاح. 

المشكلة هنا هي أن سيرة الاسكندر الأكبر خليط بين الحقيقة والأسطورة، فيستحيل التيقن من كافة المعلومات حوله، لأنه كما ذكرنا سابقا، معظم المصادر المعتمدة لم تُكتب في زمن الاسكندر، وإنما بعد مرور قرون عدة، والمخطوطات الأقدم التي تعود لفترته لا يوجد منها سوى أجزاء بسيطة. 

فربما يكون الاسكندر الأكبر هو ذو القرنين وربما لا، بل وحتى من الممكن أن تكون قصته مع يأجوج ومأجوج منسوبة له خطأ أو لغاية ما.

الرأي الثاني يقول إنه الملك قورش الكبير، ملك بلاد فارس الذي كانت له فتوحات عظيمة شرقا وغربا. وهو شخصية توراتية أيضا تحت مسمى لوقرانائيم. فقد ذكرته التوراة في أكثر من سفر مثل عزرا ودانيال وإشعياء ووصفته براعي الرب ومسيح الرب. وهذا الرأي كما ذكرنا سابقا استقر عليه الفقيه مولانا أبو الكلام أزاد.

الاعتراض على قورش قائم بسبب الأسطوانة الشهيرة المنسوبة إليه والمكتوبة بالخط المسماري، هي اليوم بحوزة المتحف البريطاني بلندن. في هذه الأسطوانة يمجد قورش آلهة وثنية مثل بعل ومردوك ويمدحها لمباركته فتح بابل وانتصاره على ملكها نبو نيد. 

الرأي الثالث يطرح اسم الصعب بن ذي مرائد أحد ملوك حمير التببابعة باليمن كهوية لذي القرنين. الأدلة التي يستند عليها في طرحه هذا هو أولا كون الاسم يحتوي على لفظة "ذي"، وهي بجانب لفظة "ذو" لم يستخدمهما أحد غير اليمنيين في تسمية الأشخاص والأماكن. وثانيا، كون أهل اليمن اشتهرو قديما باستخدام النحاس والرصاص في بناء السدود مثل سد مأرب. وهذا الرأي قال به الصحابي الجليل ابن عباس وكذلك تقي الدين المقريزي الشيخ الكبير. 

قال أيضا بعض المفسرين والفقهاء إن ذي القرنين هو ملك من حمير، لكنهم ذكروا أسماء مختلفة غير الصعب بن ذي مرائد، مثل الصعب بن مالك. 

هناك من ربط أيضا ذا القرنين بالملك الأكادي نيرام سين، الذي أسس مملكة عظيمة واشتهر بحروبه الضارية خاصة تلك التي خاضها في جبال زاكروس ضد القبائل البربرية. ويظهر في نحت صخري وهو واقف على جثث أعدائه الذين قضى عليهم يرتدي خوذة عليها قرنان. 

وهناك من رأى أن أخناتون الملك الفرعوني هو ذو القرنين، مثل الباحث السعودي حمدي بن حمزة أبو زيد الذي ألف كتابا شيقا ومفصلا حول الموضوع عنونه: فك أسرار ذي القرنين ويأجوج ومأجوج. 

هناك أيضا تفسيرات أخرى مختلفة لسنا بحاجة للتطرق إليها لأنها تظل ضعيفة وغريبة. 

وهكذا، لا يمكننا القطع بهوية ذي القرنين، فهي ستظل جدلية على الدوام. لكن أقوى الاحتمالات هي الثلاث الأوائل التي ذكرناها قبل قليل: الاسكندر الأكبر، قورش، و الصعب بن ذي مرائد. والله تعالى أعلم.

خلاصة: القرآن الكريم وأسطورة الاسكندر الأكبر


اضغط على الصورة لتكبيرها


هناك من يدعي أن القرآن الكريم نقل أو سرق قصة يأجوج ومأجوج من أسطورة أو ملحمة الاسكندر الأكبر ولفقها على أساس أنها وحي رباني. وبالتالي هي دليل على بطلان صحة القرآن الكريم لأنه يكرس الأساطير الغابرة. 

حسنا، بداية، كون أسطورة أو ملحمة الإسكندر ذكرت قصة يأجوج ومأجوج فهل هذا يعني أنها أسطورة؟ 

يعني، بعبارة أخرى، هل الوقائع والأحداث المذكورة في أسطورة الاسكندر كلها أساطير؟

الجواب بطبيعة الحال لا، وهذا كلام المتخصصين في تنقيح تلك النصوص. 

النسخ الحالية لأسطورة أو ملحمة الاسكندر The Romance of Alexander لا تعتمد في مصادرها على النصوص الأصلية إلا في جزء بسيط منها، وذلك لأن المخطوطات الأصلية لم يسلم منها إلا أجزاء معدودة. 

وإنما تعتمد بالأساس على المصادر التي تعتبر ثانوية لأنها ألفت بعد موت الاسكندر بقرون، وحتى بعض مؤلفيها مجهولوا الهوية، ونسبت لبعض مؤلفي المخطوطات الأصلية اعتباطا فقط، ولهذا نجد مثلا كاليستيناس المزيف Pseudo Callisthenes. فهناك جزء أصلي كتبه كاليستيناس الحقيقي، لكن هناك أجزاء لاحقة نسبت إليه لم يكتبها هو، لأنها ألفت بعد موته، ولهذا يسمى بالمزيف. 

ملحمة الاسكندر تحتوي على وقائع صحيحة، وأيضا وقائع أسطورية، سواء حدثت أو لم تحدث، وسواء نسبت له زورا أو حقيقة فليس هناك من وسيلة لمعرفة ذلك. وبالتالي، فإن قصصا مثل لقاء الاسكندر مع أقوام بوجوه على صدورهم أو مخلوقات مجنحة وغريبة من السهل القول بأنها خرافية، أما حروب الاسكندر وفتوحاته وصداماته مع الامبراطوريات والممالك المجاورة فلا ضير من التسليم بصحتها في ظل وجود شواهد أخرى على ذلك. 

وحينما ذكر القرآن الكريم قصة يأجوج ومأجوج، فهو يحكي لنا قصة وقعت في الماضي، وأسطورة الاسكندر ليس بالضرورة المصدر الأصلي لها، بل هي أيضا نقلتها عن أحداث ماضية. 

فالشبهة إن كانت حول أسطورية القصة، فليس هناك ما يؤكد أنها أسطورة، أما إن كانت الشبهة حول نقل القرآن للقصة من ملحمة الإسكندر فليس هناك دليل على هذا النقل سوى تشابه الأحداث، والقول بأن الملحمة أقدم من القرآن هو الدليل فهذا كلام غير علمي وغير أكاديمي. فكونها سبقت في ذكر القصة لا يعني أنها مصدرها الوحيد.

على العموم، مثيروا الشبهات لا يبحثون أصلا عن إجابات، وإنما يثيرونها فقط ويرفضون أي رد عليها، وبالتالي، هذا الرد ليس موجها إليهم، وإنما فقط أردت توضيح الأمر.

خلاصة: من هم يأجوج ومأجوج؟


اضغط على الصورة لتكبيرها


يؤمن بعض الناس أن يأجوج ومأجوج ليسوا بشرا طبيعيين، أو ليسوا بشرا بالأساس، ولهذا يرفضون كل الدلائل أو يتغاضون عنها. إن القصد هنا ليس السخرية من آرائهم أو التهكم عليها، وإنما توضيح بُعدها عن الصواب.

الآراء التي تقول بأنهم مخلوقات لها أربع أذرع وأربع أرجل، أو لها قامات مختلفة الطول والقصر، أو لها آذان كبيرة تفرشها وتتغطى بها، هي آراء أقرب إلى أن تكون أسطورية منها إلى الواقع. فهي لا تستند إلى أدلة ثابتة وقوية، وإنما على نصوص هي نتاج تراكمات سنين طوال من الإسرائيليات والأحاديث الموضوعة، هذا بالإضافة إلى الأساطير القديمة من حقب تاريخية مختلفة والتي كانت تنتقل شفاهية عبر العصور. كلها تعطي تصورات عن يأجوج ومأجوج بعيدة عن المنطق والسياق الديني والتاريخي. 

وضمن هذه الخانة تندرج قصة خلق يأجوج ومأجوج من التراب الذي امتزج بنطفة سيدنا آدم ﷺ بعد أن احتلم إحدى المرات. لن ندخل هنا في قضية إمكانية احتلام الأنبياء والرسل من عدمها، بل الموضوع الأساسي هو كيف حدث هذا الخلق ليأجوج ومأجوج من امتزاج النطف بالتراب؟ كيف عاشت تلك النطف خارج الجسم البشري في الهواء الطلق؟ وكيف حدث هذا الحمل للتربة؟ هل أنتجت التربة بويضة فخصّبتها النطف؟ ولو حدث هذا الحمل، فكيف تكون الجنين أو الجنينان بفرض أنهما توأمان، يأجوج ومأجوج؟ وكيف وعلى ماذا كان يعيشان في المشيمة؟ وكم استمر هذا الحمل؟ وكيف حدثت الولاة؟ ومن قطع الحبل السري؟ يمكن أن نسترسل في طرح الأسئلة هكذا بدون توقف، ولكن دون فائدة ترجى. فالموضوع من الواضح والجلي أنه خرافة من خرافات وأساطير الإسرائيليات. 

وبخصوص الرأي القائل بأنهم سلالة النياندرتال، فالأمر أيضا ضعب جدا أن يكونا صحيحا. فسلالة النياندرتال انقرضت منذ أكثر من 20 ألف سنة، بينما حدثت قصة ذو القرنين في مدة إن بالغنا فيها بشكل كبير لن تتجاوز ألف سنة قبل الميلاد، أي قبل 3000 سنة من الآن. وحتى إن سلمنا جدلا أن بعض الأفراد من هذه السلالة نجت من الانقراض في أماكن معزولة غير معروفة، فهذا يجعلهم أقليات، عكس أعداد يأجوج ومأجوج الهائلة. ولهذا، فإن كون إنسان النياندرتال هو يأجوج ومأجوج رأي ضعيف وليست هناك من أدلة قوية تدعمه.

أما الرأي الأخير الذي أود أن نمر عليه، هو الرأي القائل بأنهم مخلوقات الرماديون Grays الذين نقول عنهم خطأ مخلوقات فضائية. وهم يعيشون في جوف الأرض، لأن أرضنا مجوفة من الداخل وبها مخلوقات وحضارات متطورة. والردم الذي بناه ذو القرنين عليهم موجود في فتحة القطب الشمالي، المكان الذي يخرجون منه. ماذا سأقول؟ الموضوع في أساسه مبني على فرضيات واستنتاجات لا دينية، ولا علمية، ولا تاريخية، ولا جيولوجية، ولا غيرها.. كل الكلام الرائج حول الأرض المجوفة لا يستند على أي أدلة، ولدي سلسلة بهذا الخصوص لم يتسنى لي الانتهاء منها بعد، ترد على كل ما يقال بهذا الصدد. لذلك أتركها لوقتها إن شاء الله، وأكتفي بالقول إن هذا الرأي حول يأجوج ومأجوج باطل. 

إذن، الرأي السليم بالدلائل التاريخية والدينية هو أن أجوج ومأجوج بشر مثلنا مثلهم. هم الأقوام التي استوطنت شمال أوربا وآسيا، ولم تكن تحدها الحدود الفاصلة بين الدول التي نعرفها اليوم، فرقعة العالم كانت مختلفا آنذاك والمجتمعات كانت أصغر وتطغى عليها صيغة القبلية. تلك الأقوام كانت لديها نزعة عدائية، وكانت تغير على جيرانها وتنهب خيراتهم وتدمر أراضيهم. ولذلك تم بناء السد أو الردم عليهم لصدهم.

ملخص: يأجوج ومأجوج في المصادر الإسلامية

اضغط على الصورة لتكبيرها


كما مررنا على مختلف المصادر الإسلامية التي تناولت يأجوج ومأجوج، نعرض الخلاصة الجامعة لها.

من هم: يأجوج ومأجوج يمثلون الأمم التي تفرعت عبر العصور من سلالة يافث ابن نوح عليه الصلاة والسلام. وهم الأقوام الذين تمركزوا شمال القارة الأسيوية والجزء الشمالي الغربي للقارة الأوربية، وهي الأراضي التي تقع خلف سلسلة جبال القوقاز. تميزت تلك الأمم بعدوانيتها وإغاراتها المتواصلة على الشعوب المجاورة ناحية الجنوب، وكذلك تميزت بتسخيرها للخيول في حروبها أكثر من أي أمة أخرى.

أوصافهم: حسب الأوصاف المذكورة في الأحاديث النبوية الشريفة فهم عراض وحُمر الوجوه، صغار العيون، ذُلف الأنوف، صهب الشعور، وجوههم مثل المَجَان المُطَرّقة، المُدورة كالتروس، يعني أنها تبدو غليظة ومدورة. يضعون الملابس المصنوعة من فراء وجلود الحيوانات ويصنعون منه نعالهم كذلك.

بالنسبة لموعد خروجهم فهناك آراء ثلاثة، الرأي الأول الذي يقف عند المعنى الحرفي للنصوص، وهو يفيد بأنهم لم يخرجوا بعد وسيخرجون مستقبلا، أما مكانهم فلا يعلهم إلا الله تعالى ولن يتعرف عليه أحد مهما بلغ التطور والتقدم العلمي. 

الرأي الثاني يقول إنه قد خرج منهم سابقا جزء واحد، وهم المغول والتتر الذين اجتاحوا آسيا واغتصبوا الكثير من البلاد الإسلامية، والجزء الثاني منهم سيخرج مستقبلا. 

أما الرأي الثالث فيؤمن أن يأجوج ومأجوج قد خرجوا وانتهت هذه القصة، ويؤكدون على أن النصوص لا يمكن أن تؤخذ حرفيا. 

وبخصوص مكان السد، قيل إنه موجود في مكان ما بين جبلين اثنين في سلسلة جبال القوقاز العظيمة لا يعلمه أحد، وقيل أيضا إنه ما يصطلح عليه اليوم بمعبر داريال قورش أو كورش.

يأجوج ومأجوج عند الشيخ عمران حسين

اضغط على الصورة لتكبيرها


بالنسبة للشيخ عمران حسين الأستاذ والمفكر والفيلسوف المسلم من ترينيداد وتوباغو، فإن يأجوج ومأجوج يمثلان القوتان العظميتان المتحكمتان اليوم في العالم، والمتجليتان في أمريكا وروسيا بالأساس وعلاقتهما باليهود. 

يضع الشيخ ضمن أدلته الأحاديث النبوية الشريفة التي وصفت يأجوج ومأجوج بأنهم صغار العيون وصُهب الشّْعاف، وهو ما ينطبق على من ينتمون إلى الجنس القوقازي.

اعتمد الشيخ عمران على دراساته المعمقة للأوضاع الدينية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية في العالم، واستخدامه لمنهجية علم آخر الزمان Eschatology من خلال تحليل ودراسة القرآن الكريم والأحاديث النبوية للوصول إلى هذه النتيجة.

يؤمن الشيخ عمران حسين أن القرية المقصودة في قوله تعالى "وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ * حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ"، سورة الأنبياء الآيتان 95 ،96. هي القدس. 

فيقول إنّ من أنار الله تعالى بصيرتهم بـ "النور" القادم منه تعالى سوف يتمكنون من إدراك كلا الأمرين: موضوع القرية، والنظام العالمي ليأجوج ومأجوج، فذلك النور يمنحهم القدرة على إدراك الحقيقة الجوهرية الداخلية للأشياء. 

فبعد أن دمر الله تعالى تلك القرية وطرد اليهود منها، وحرم عليهم وقتها العودة إليها والمطالبة باستردادها بصفتها ملكاً لهم، فها هم قد عادوا اليوم، وطالبوا بها على أساس أنها ملك لهم! ولكنهم فعلوا ذلك أثناء ركوبهم لظهور أشخاص منكرين لوجود الله تعالى في داخلهم، ويملكون من القوة ما هو كافٍ لفرض سيطرتهم الكاملة على العالم، وهم يستخدمون تلك القوة والسلطة بلا رحمة في ظلم البشرية ولشن حرب على الإسلام عامة والعرب على وجه الخصوص.

يأجوج ومأجوج عند مولانا أبو الكلام أزاد

اضغط على الصورة لتكبيرها


تحدث العالم والمفسر الكبير المعروف بمولانا أبو الكلام أزاد في موضوع يأجوج ومأجوج انطلاقا من البحث عن هوية ذي القرنين. 

اعتبر أبو الكلام أن اجتهادات المفسرين قديما وحديثا في تحديد هوية ذي القرنين اختلفت وتضاربت لأنها افتراضات خاطئة لا تدعمها أدلة، ولم تتفق على شيء واحد سوى كونه عبدا صالحا.

انطلق أبو الكلام من سبب نزول الآية وأمسك بخيط اليهود الذي وجهوا السؤال إلى النبي ص. واقترح أن يكون في كتبهم المقدسة شيء له علاقة بالموضوع يدفعهم للسؤال.

فقرأ وبحث في أسفار العهد القديم فوجد فيها ما ذكر حول شخصية ذي القرنين من رؤى لأنبياء بني إسرائيل، كما أنه وجد فيها ما يشير إلى أصل التسمية: "ذي القرنين" أو " لو قرانائيم". وهو الملك "كورش" أو "خورس" كما ذكرت التوراة وتكتب أيضا "غورش" أو "قورش"، وأيضا يكنى بـ سايرس.

أبو الكلام وجدا ذكرا لهذه الشخصية في أسفار مثل: عزرا ودانيال وإشعياء. فقد كان شخصية مهمة في تاريخهم لأنه أنقذ أسرى اليهود من بابل وجلب لهم أموالهم المنهوبة من طرف ملوكها.

لم يكتف أبو الكلام بما وجده في التوراة رغم أنه كاف كدليل، لكنه أراد دليلا إضافيا خارج التوراة. ومن خلال البحث الميداني وجد ما يدعم وجهة نظره من آثار باقية من حضارة كورش الفارسية. 

من ضمن الآثار تمثال كورش الموجود بإيران. وعلى جانبيه جناحان، كجناحي العقاب أو النسر، وعلى رأسه قرنان كقرني الكبش. وهكذا استنتج أبو الكلام أن التصور الذي خلقه أو أوجده اليهود للملك المنقذ لهم "كورش" كان قد شاع وعرف حتى لدي كورش نفسه على أنه الملك ذو القرنين. أي ذو التاج المثبت على ما يشبه القرنين كدلالة رمزية.

ثم من تاريخ كورش تأكد لدى أبي الكلام أن يأجوج ومأجوج هم المغول والتتر الذين أغاروا على القبائل جنوب سلسلة جبال القوقاز حيث بنى ذو القرنين السد.

يأجوج ومأجوج عند الطاهر ابن عاشور

اضغط على الصورة لتكبيرها


بالنسبة للعالم الكبير والفقيه المسلم محمد الطاهر ابن عاشور رحمه الله فإن يأجوج ومأجوج هم المغول والتتر الذين اجتاحوا دولا ومناطق شاسعة في آسيا واغتصبوا أيضا الكثير من أراضي المسلمين وعاثوا فيها الفساد.

الطاهر ابن عاشور رأى بأن حديث النبي صلى الله عليه وسلم "ويل للعرب من شر قد اقترب، فُتح اليوم من سد يأجوج مثل هذه" أكبر دليل على صحة رأيه، فقد اعتبر إحداث فتحة صغيرة في زمن الرسول ص والصحابة في السد مجرد مرحلة أولى، ولا غرابة أن تكون الفتحة قد اتسعت بعد مرور ستة قرون بما يسمح لمرور يأجوج ومأجوج.

ويضيف ابن عاشور أن تحذير النبي ص للعرب بقوله "ويل للعرب" إشارة أكيدة إلى يأجوج ومأجوج الذين تضرر منهم العرب على وجه الخصوص.

يأجوج ومأجوج في رحلة سلام الترجمان

اضغط على الصورة لتكبيرها



خلال القرن الثالث هجري، قرر الخليفة الواثق بالله إرسال سلام الترجمان إلى جبال القوقاز لتقصي حقيقة انهيار ردم ذي القرنين الذي بناه على يأجوج ومأجوج، وذلك بسبب أنه رأى في منامه انهيار الردم وخروج يأجوج ومأجوج.

وردت القصة في كثير من المصادر من أهمها 'نزهة المشتاق في اختراق الآفاق' للشريف الإدريسي، و 'المسالك والممالك' لأبو عبيد البكري. كما أنها تعتبر من المراجع المهمة في الموضوع عند المستشرقين، حيث أُلّفت فيها كتب ومقالات.

تحكي القصة كيف أعدّ الخليفة قافلة لسلام جمعت كل مستلزمات الرحلة من رجال ومال وملبس ومؤونة قبل أن يأمر بانطلاقها.

ثم يصف سلام الأقوام التي التقى بها في طريقه نحو السد وكذلك التضاريس التي مر عبرها حتى حط رحاله بجانب السد. 

حينها تطرق سلام بالتفصيل إلى وصف أبعاد وقياسات السد والمميزات المعمارية التي بُني وفقها.

يأجوج ومأجوج عند الجغرافيين العرب والمسلمين

اضغط على الصور لتكبيرها


هناك العديد من الخرائط القديمة لمختلف علماء الجغرافيا العرب والمسلمين التي أوضحت مكان يأجوج ومأجوج. نتطرق هنا إلى بعضها.

الخريطة الأولى هي خريطة ابن حوقل الذي عاش في الفترة بين القرنين الـ 4 والـ 5 هجريين. يعد من كبار المؤرخين والجغرافيين العرب. هناك خريطتين لابن حوقل يضع فيهما مكان يأجوج ومأجوج جهة الشمال خلف أرض البلغار والروس.

الخريطة الثانية هي خريطة الشريف الإدريسي الذي عاش في الفترة بين القرنين الـ 5 والـ 6 هجريين. يعتبر من عظماء الجغرافيين وأحد مؤسسي علم الجغرافيا. وضع الشريف الإدريسي يأجوج ومأجوج جهة الشمال، خلف أرض البلغار أو ما يعرف اليوم بسلسلة جبال القوقاز.

الخريطة الثالثة هي خريطة محمود الكاشغري، وهو عالم ومؤرخ تركي كبير عاش في الفترة بين القرنين الـ 5 والـ 6 هجريين. في خريطته وضع يأجوج ومأجوج جهة الشمال خلف الأراضي الروسية.

الخريطة الرابعة هي خريط ابن سعيد المغربي، عاش في القرن 7 هجري. وهو مؤرخ وعالم مشهور. وضع في خريطته للعالم يأجوج ومأجوج جهة الشمال خلف سلسلة جبال القوقاز.

الخريطة الخامسة هي خريطة ابن الوردي، عاش في الفترة القرنين الـ 8 والـ 9 هجريين. من العلماء الجغرافيين البارزين في التاريخ الإسلامي. في خريطته هذه يضع يأجوج ومأجوج شمالا خلف بلاد البلغار والروس.

يأجوج ومأجوج في كتب التفسير والحديث

اضغط على الصورة لتكبيرها


أجمعت معظم كتب الحديث وبعدها كتب التفسير، باختلاف المذاهب والفرق شيعة وسنة، على ارتباط يأجوج ومأجوج بأحداث نهاية الزمان قبيل قيام الساعة. وبالكاد تكاد تكون هناك اختلافات فيما بينها، سوى في بعض التفاصيل.

القصة بشكل مختصر تفيد بأن يأجوج ومأجوج سيخرجون بعد أن يقتل عيسى عليه الصلاة والسلام المسيح الدجال، فيشربون ماء بحيرة طبرية عن آخره، ثم ينطلقون ليعيثوا الفساد والخراب في الأرض.

حينها يوحي الله تعالى إلى عيسى عليه الصلاة والسلام بأن يحتمي ومن معه من المؤمنين بالطور، لأنه لا أحد يستطيع مجابهة يأجوج ومأجوج.

حين تمتلئ الأرض بفسادهم، يقولون لقد قهرنا أهل الأرض، والآن سنقهر أهل السماء ويضربون بسهامهم ورماحهم ناحية السماء فتنزل وبها دم.

بعدها يرسل الله تعالى عليهم دودا صغيرا يسمى النغف تأخذهم في رقابهم فتقتلهم. وحينما يموتون تمتلئ الأرض بجثثهم وتصبح نتنة، فيرسل الله تعالى طيرا تحمل الجثث وترميها بالبحر، ثم يهطل بعد ذلك مطر شديد ينظف الأرض. فتُخرج الأرض بركاتها وخيراتها.

بعد هذه المرحلة المختلف في طولها، تأتي المرحلة النهائية التي يقبض فيها الله تعالى أنفس المؤمنين، ثم تقوم الساعة على شرار الخلق.

هذه القصة التي ذكرناها باختصار معروفة لدى الأغلبية، وليس هناك من حاجة للدخول في تفاصيلها، وهناك نسخة منها أعدها مشكورا صديقي وأخي العزيز ناصر السويدي من الجزائر، وهي للتحميل بوصف هذا الفيديو.

يأجوج ومأجوج في القرآن الكريم

 
اضغط على الصور لتكبيرها


ذكر القرآن الكريم يأجوج ومأجوج في موضعين اثنين كما هو معروف، أولهما في سورة الكهف من الآية 83 إلى الآية 99، وذلك في قصة ذي القرنين.

تخبرنا الآيات أن ذا القرنين حينما وصل في رحلته إلى مكان ما بين سدّين اثنين، وهما جبلان، التقى بقوم لم يفهموا لغته. وحينما حُلّت هذه المشكلة وتمكن من التواصل معهم أخبروه عن يأجوج ومأجوج، القوم المفسدين الذين يغيرون عليهم ويفسدون في الأرض. وطلبوا منه أن يبني سدا ليصدّهم عنهم، فأجابهم أنه سيبني ردما وسيحتاج إلى مساعدتهم في القيام ذلك.

بعد الانتهاء من بناء الردم كما هو موضح في الآيات الكريمة، قال ذو القرنين إن هذا الردم لن يصد يأجوج ومأجوج إلى الأبد، بل سيأتي زمن سينهار فيه، وذلك الزمن هو في مشيئة الله سبحانه تعالى.

تعكس الآيات الكريمة شخصية ذي القرنين الربانية، الرجل المؤمن بالله تعالى والشاكر لنعمه. فقد رفض أن يدفعوا له مقابل البناء لأن ما أنعم به الله عليه خير من المال. كما أنه لم يتباهى أمامهم ببناء الردم وتخليصهم من يأجوج ومأجوج، بل قال لهم إن ذاك هو رحمة من الله تعالى بهم.

الموضع الثاني الذي ذكر فيه القرآن الكريم يأجوج ومأجوج كان في سورة الأنبياء في الآيات من 95 إلى 97.

في هذا الموضع نفهم أن الله تعالى حرّم على إحدى القرى (أو أي قرية بصفة عامة) العودة إلى سابق عهدها من عمارة وبنيان وغيرهما بعد أن حلّ بها الهلاك، وأن ذلك قائم إلى حين خروج يأجوج ومأجوج.

ملخص: يأجوج ومأجوج في المصادر المسيحية الشرقية

اضغط على الصور لتكبيرها


بالإضافة إلى المصادر التي ذكرناها في هذا المحور والتي تناولت قصة يأجوج ومأجوج والاسكندر ذو القرنين، هناك مصادر أخرى كثيرة في التراث الفارسي والقبطي والأرميني والجورجي والاغريقي وغيرها سارت على نفس النهج. لكن السمة المشتركة هي تأثرها بملحمة الاسكندر أو أسطورة الاسكندر وكذلك نسخة ميثوديوس المزيف. دعنا الآن ننظر إلى خلاصة لكل ما سبق قبل انتقالنا للمحور الموالي إن شاء الله.

من هم: يأجوج ومأجوج من ذرية يافث ابن نوح الذين استقروا بالقسم الشمال للأرض. ارتبطوا بعدة أقوام السكوثيون، الهون، الخزر الترك المغول. السمة المشتركة بينهم هي كونهم فرسان امتطوا الخيول واستطاعوا أن يجتاحوا ويغزوا مناطق شاسعة تابعة لممالك وإمبراطوريات عظمى.

أوصافهم: هذه الأوصاف ليست مقتبسة من الكتاب المقدس، بل من المصادر التي مررنا عليها، في التراث السرياني، هم شعب بربري يركب الخيول، همجي وعدو للجنس البشري. قبيحو الشكل والهيئة، قذرون وكريهون. لا يُعتبرون بشرا طبيعيين لأنهم عمالقة وجبارون. عددهم لا يحصى مثل سحابات من الحشرات. يمارسون السحر والشعوذة وطقوس أكل البشر. يأكلون جثث كل شيء ميت والطعام القذر، يشربون دم الحيوانات والبشر. الإرهاب والإفساد الذي كانوا يتسببون به في الأراضي المجاورة جعل الاسكندر يغلق عليهم المنفذ الوحيد الذي كانوا يتخذونه لهذا الغرض.

في أسطورة الاسكندر، هم قبائل تمتطي الخيول، زرق العيون ذوو شعر أحمر. يلبسون جلود الحيوانات، يأكلون للحم النيئ لأي مخلوق يموت، يشربون دم البشر والحيوانات. يتمتعون بالخفة والرشاقة، عرباتهم وسيوفهم ورماحهم لها بريق مخيف مثل وميض البرق. كل خيّال لديه ثلاثة أحصنة في نفس الوقت. أصواتهم أفظع من أصوات الأسود. بجانب كل مائة جندي منهم توجد كتيبة من مائة ألف شيطان، وهم يمتلكون هذه القوة لأنهم سحرة ويمارسون طقوس الشعوذة. نسائهم يحاربن أفضل من الرجال.

في قصيدة الاسكندر، هم شعب متمرس في ركوب الخيول، شكلهم قبيح وفظيع، قاماتهم مختلفة من ست إلى سبع أذرع، أنوفهم مسطحة، يستحمون ويغسلون رؤوسهم في الدم، يأكلون لحم البشر والحيوانات، ويشربون الدماء. يلبسون جلود الحيوانات، يحملون أسلحة حادة. أشرار، بغيضون، متجبرون. أشد قوة في القتال وأكثر الأمم حربا.

موقعهم الجغرافي: إجمالا، جميع المصادر تقريبا اتفقت على أن يأجوج ومأجوج شعوب متواجدة جهة الشمال خلف سلسلة القوقاز العظيمة. ولكن مكان السد الذي أقامه الاسكندر لصدهم غير معروف على وجه الدقة، فهناك موقعين اثنين هم أقوى مكانين، الأول هو بوابات قزوين The Caspian Gates في دربند، والثاني معبر داريال The Darial Pass على الحدود الروسية الجورجية. ولكن الكثير من الجغرافيين والمؤرخين والباحثين يرجحون أن يكون معبر داريال هو مكان السد الصحيح مستشهدين بمصادر مختلفة.

يأجوج ومأجوج في نبوءات نهاية العالم القبطية

اضغط على الصورة لتكبيرها



انتشر هذا النوع من الكتابات خلال فترة المسيحيين الأقباط في مصر في أواسط القرن السابع ميلادي. يُرجح أن أقدم نبوءة هي للأب شنودة رئيس الدير الأبيض في صعيد مصر وتعود لسنة 451 ميلادية، ولكنها لم تُكتب في تلك الفترة، بل يبدو أنها انتقلت شفاهية إلى حين تدوينها نهاية القرن السابع ميلادي.

هذا النوع من النبوءات يعتمد على ربط النصوص الإنجيلية والتراثية بالوضعيات والظروف السياسية والاجتماعية التي عايشها الكتاب، وعلى وجه الخصوص بسبب الفتوحات الإسلامية وكذلك بناء مسجد قبة الصخر في القدس.

اعتبرت النبوءة أن هذا المعبد الإسلامي هو بمثابة تمهيد لخروج عدو المسيح وقُرب نهاية العالم. ووصفت المسلمين بالغزاة وكذلك الفارسيين كعلامة من علامات النهاية، لكنها لم تذكر يأجوج ومأجوج بالإسم.

هناك نبوءة أخرى تُنسب إلى الأب صموئيل من قلمون في الفيوم لها نسخة عربية عُثر عليها نهاية القرن الثامن ميلادي. ويعتقد أنها استلهمت المحتوى من نبوءات ميثوديوس المزيف.

أبدى صموئيل قلقه من تأثر المسيحيين بالممارسات الإسلامية وخوفه من ضياع اللغة القبطية في ظل انتشار اللغة العربية بالمجتمع المصري.

كتب صموئيل في نبوءته يقول إن ملوك روما وإثيوبيا بقيادة الملَك ميكائيل سوف يتمكنون من الثورة على المسلمين في مصر ويسترجعون الأسرى وبعد ذلك استعادة الديانة المسيحية في البلاد، ويصف العرب بأنهم شعب يأجوج ومأجوج، لكنه لا يربطهم بالإسكندر.

وهكذا هو حال النبوءات القبطية الأخرى المختلفة، فهي تعتبر العرب يأجوج ومأجوج لكن بدون ربطهم بشخصية الاسكندر.

يأجوج ومأجوج في ملحمة الاسكندر القبطية والإثيوبية

اضغط على الصورة لتكبيرها


ينظر إلى الاسكندر المقدوني في هذه المصادر على أنه الملك المخلّص. وهو ابن الكاهن والساحر نخت أنيبو أو نخت حورب Nectanebo ثالث وآخر ملك في الأسرة الثلاثون.

تحكي القصة المصرية أن نخت أنيبو تنكّر في صورة الإله الأقرن آمون ثم أغوى أم الاسكندر أوليمبيا Olympia فوُلد لهما الاسكندر الذي حمل لقب صاحب القرنين.

دُوّنت ملحمة الاسكندر القبطية باللهجة الصعيدية Sahidic في مخطوطة لم يتبقى منها سوى تسع أجزاء صغيرة، وتعود لسنة 640 ميلادية.

هذه الملحمة التي تصوّر الاسكندر على أنه نبي مسيحي لم تذكر أي شيء بخصوص سد يأجوج ومأجوج. ويُرجّح بعض المتخصصون أن هذا الجزء كان موجودا في النص الأصلي.

يُعتقد أن هذه الملحمة استمدت محتواها من ملحمة الاسكندر الإغريقية والتي بدورها استمدته من نبوءات ميثوديوس المزيف، خاصة فيما يتعلق برحلة الاسكندر قبل الوصول إلى مكان يأجوج ومأجوج.

هناك جزء واحد فقط من المخطوطة المصرية يتحدث عن نفس الرحلة ويذكر وصول الاسكندر إلى أرض الظلام، وهي المرحلة التي سبقت مرحلة بناء الحاجز.

يأجوج ومأجوج في نبوءة نهاية العالم السريانية لميثوديوس المزيف

اضغط على الصورة لتكبيرها


هذه النبوءة تنسب خطأ لرجل الكنيسة الأب ميثوديوس من القرن الرابع ميلادي، لكنها كُتبت خلال القرن السابع ميلادي ويرجح أن مؤلفها ناسك كان يقطن بسنجار شمال العراق.

اختلاف هذه النبوءة عن غيرها من المصادر السابقة هو ربطها ليأجوج ومأجوج بالعرب والمسلمين خاصة خلال فترة الفتوحات في منطقة بلاد ما بين النهرين.

تتحدث النبوءة عن أحداث ستقع عند نهاية الألفية السابعة، حيث تصف أن الأرض سترتجف من جيوش المسلمين الغاصبين، وسيختبئ الناس في الجبال والكهوف والقبور خوف على حياتهم.

بعد الكوارث العديدة التي سيتسببون بها على وجه الأرض سيرسل الله ملائكة من عنده ليقضي عليهم في مدينة يافا، ثم سيقضي الاسكندر عليهم نهائيا لتسود مشيئة الله.

المراجعات النقدية التي قام بها المتخصصون لهذه النبوءة أظهرت أن ميثوديوس المزيف اعتمد على الأحداث المذكورة في أسطورة الاسكندر وقصيدة الاسكندر وغيّر فيها بما يتناسب مع تصوره، ومثال ذلك إشارته إلى أن الاسكندر سيلتقي بيأجوج ومأجوج ليس في جهة الشمال وإنما في جهة الشرق، وأن الحاجز الذي سيبنيه عليهم الاسكندر سيتم بعد أن يصلي إلى الله فيجعل الجبلين يقتربان من بعضهما حتى تبقى مسافة صغيرة هي ستكون مكان السد.

يأجوج ومأجوج في قصيدة الاسكندر السريانية

اضغط على الصورة لتكبيرها


حسب الباحثين، فقد ألهمت أسطورة الاسكندر شخصا مسيحيا من شمال بلاد ما بين النهرين لتأليف قصيدة عنونها: قصيدة الملك التقي الاسكندر والبوابة التي شيدها لصد يأجوج ومأجوج. رجح المتخصصون الذين نقحوا القصيدة أن تعود للفترة بين 629 و636 ميلادية.

من سنة 627 و629 ميلادية ارتبط اسم الخزر، الواقعة أرضهم شمال جبال القوقاز، بيأجوج ومأجوج بعد أن اجتاحوا مناطق شاسعة في أرمينيا وشمال بلاد ما بين النهرين مخلفين دمارا هائلا ومجاعات، ولكن القصيدة لم تذكر اسم أي قوم أو بلاد محددين، بل ذكرت اسمي يأجوج ومأجوج فقط. 

القصيدة لها ثلاث نسخ، ولا واحدة منها تعتبر النسخة الأصلية، وهي تحكي نفس قصة أسطورة الاسكندر التي مررنا عليها للتو، لكن باختلاف بسيط في بعض التفاصيل.

حينما وصل الاسكندر إلى سلسلة جبال عظيمة، أخبره حكماء من السكان الأصليين للمنطقة بسلوكيات يأجوج ومأجوج الشنيعة وكذلك بمظهرهم الفظيع. وهم قوم يسكنون خلف تلك الجبال، ويغيرون على المنطقة من خلال انسلالهم من فج ضيق ملطخ بالدماء.

فقرر الاسكندر إغلاق الفج مؤمنا بالمهمة التي كلفه الله إياها، فطلب معونة اثني عشر ألف حداد خبير من مصر، فشرح لهم كيف يريد أن يتم البناء بعد أن قام بالقياسات والمعاينات الهندسية بنفسه. وقد استرسلت القصيدة أيضا في وصف أبعاد البوابة وشكلها بالتفصيل.

يأجوج ومأجوج في أسطورة الاسكندر السريانية


اضغط على الصورة لتكبيرها


ألفت أسطورة الاسكندر بواسطة كاتب مسيحي من بلاد ما بين النهرين في مدينة أميد او إديسا في الفترة بين سنتي 629 و630 ميلادية. جاء ذلك بعد انتصار الامبراطور هرقل على الساسانيين وهزيمة ملكهم كسرى الثاني.

يحكي هذا الأثر كيف وصل الاسكندر ابن فيليب المقدوني إلى أقاصي الأرض وكيف بنى بوابة حديدية ضخمة في وجه ريح الشمال لصد قبائل الهون The Huns، الذين استقروا في أراضي السكوثيين بالقرب من بحر قزوين، وذلك ليمنعهم من الإغارة على البلدان المجاورة وإفساد أراضيهم.

في منظورها البيزنطي تقدم الأسطورة شخصية الاسكندر في صورة الفاتح العظيم الذي يستكشف أسرار العالم ويصل إلى أقاصيه بداية من الفترة التي وافقت خروج موسى وبني إسرائيل من مصر هربا من الفرعون.

وتذكر القصة أيضا لأول مرة كيف أن الله جعل قرونا حديدية تنموا على رأس الاسكندر كرمز إلى فتوحاته العظيمة.

القصة باختصار تحكي مغادرة الاسكندر لمدينة الإسكندرية بعد أن زوده الملك بسبعة آلاف من الحدّادين والنحّاسين ليقضي شهورا طويلة في البحر والبر مارا بأقوام مختلفين. واستمر جهة الشمال مرورا بأرمينيا وصولا إلى بدايات جبال القوقاز حيث أقام معسكره.

على الجانب الآخر من الجبال تقع أرض يأجوج ومأجوج، وهناك ممر واحد ضيق بين الجبال يمكن قطعه فقط بامتطاء الخيول يصل بين الجانبين. طلب زعماء القبائل المحلية من الاسكندر أن يغلق الممر وحذروه من الممارسات البغيضة والشنيعة التي يقوم بها قوم يأجوج ومأجوج.

أمر الاسكندر حينها ثلاثة آلاف من الحدّادين ومثلهم من النحّاسين ببناء حاجز لصد تلك الأقوام، وقد وصفت القصة أبعاد وحجم الحاجز بالتفصيل. بعد الانتهاء من البناء نحت الاسكندر على البوابة الضخمة بعض الجمل.

احتوت الجمل على نبوءتين اثنتين تشيران إلى أن أمم يأجوج ومأجوج الـ 24 تحت قيادة ملوكها سوف تجتمع خلف البوابة حينما يشاء الله، فتُفتح لهم فينطلقون نحو الأمم المتحضرة ويحاربونهم حتى تغطي دماؤهم الأرض ويستعبدونهم.

تعتبر أسطورة الاسكندر السريانية النص الأقدم الذي ربط حبس يأجوج ومأجوج خلف البوابة بأحداث مستقبلية، واكتسبت هذه الأهمية ضمن الكتابات السريانية التي تعنى بالنبوءات المستقبلية بداية من القرن السابع ميلادي.

يأجوج ومأجوج في ملحمة / رومانسية الاسكندر

اضغط على الصورة لتكبيرها


هذه الملحمة اليونانية التي تُنسب إلى المؤرخ اليوناني القديم كاليستيناس Callisthenes الذي التحق بحملة الاسكندر الآسيوية كمؤرخ، لا تُؤخذ في الأوساط العلمية كمصدر تاريخي يستند إليه، غير أن شهرتها خاصة في القرون الوسطى المبكرة كان بسبب قصة الاسكندر الأكبر.

نسبتها إلى المؤرخ اليوناني غير مؤكدة، لذلك يسمى كاليستيناس المزيف Pseudo-Callisthenes. 

أقدم دلائل الملحمة هي النسخة اللاتينية من القرن الرابع ميلادي، والأرمينية من القرن الخامس ميلادي. النسخة السريانية تحتوي أحداثا أضيفت لاحقا من قبل مُنقّحها الذي يُعتقد أنه من أصول مسيحية شرقية.

لكن، أهم شيء هنا هو أن هذه الملحمة القديمة في جميع نسخها، اليونانية واللاتينية والأرمينية والسريانية، روّجت فقط صورة الملك العظيم الاسكندر، ملك الشرق والغرب. ولم تتحدث عن الحاجز الذي بناه الاسكندر لصد يأجوج ومأجوج.

هذه القصة مذكورة في ملحق صغير ألصق بالنسخة السريانية، ولا يعتبر جزء منها، هذا الملحق يُدعى أسطورة الاسكندر السريانية.

يأجوج ومأجوج في التراث المسيحي القديم

اضغط على الصورة لتكبيرها


خلال سنة 420 ميلادية تحدث القديس جيروم بوضوح في تفسيره لآيات الكتاب المقدس عن هوية يأجوج ومأجوج، حيث ربطهم بشعب السكوثيين Scythians المتواجدين بالمناطق وراء جبال القوقاز. 

وألمح أيضا إلى قيام الاسكندر الأكبر بإغلاق الطريق أمامهم سابقا. سنة 636 ميلادية ربط القديس إيسيدور الإشبيلي يأجوج Gog بشعب القوطيين Goths. وهي قبائل في المنطقة ذاتها حيث يتواجد السكوثيون Scythians، بل هم جزء منهم. 

السبب الذي جعل إيسيدور يستقر على هذا الرأي هو سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية على أيديهم، بالإضافة إلى تقارب لفظتي Gog وGoths. 

من الواضح أن كلا من القديسين جيروم وإيسيدور لعبا دورا مهما خلال تلك الفترة الزمنية المبكرة في ترويج فكرة قيام الاسكندر الأكبر ببناء حاجز أو بوابة في مكان ما بمنطقة قزوين أو القوقاز.

يأجوج ومأجوج عند يوسيفوس فلافيوس

اضغط على الصورة لتكبيرها


كان يوسيفوس أول من صادق على قصة الاسكندر الاكبر وإقامته لبوابات حديدية جهة الشمال لصد بعض القبائل البربرية. غير أنه لم يربط تلك القبائل أو الشعوب بأحداث مستقبلية عند نهاية الزمان.

لم يحدد يوسيفوس بالضبط مكان هذه البوابات، لكن بعض المفسرين لكتاباته يعتقدون أنه قد يشير إلى بوابات قزوين قرب دربند اليوم، أو معبر داريال أو مكان مشابه في سلسلة جبال طوروس شمال تركيا. 

اعتبر يوسيفوس أن مملكة سيثيا أو السكوثيون هي شعوب يأجوج ومأجوج، فقد كانوا أكبر الأعداء الذين أسسوا إمبراطورية شمال البحر الأسود استمرت من القرن الثامن ق.م إلى القرن الثاني قبل الميلاد. 

استطاع السكوثيون الانسلال عبر الممر الضيق بين جبال القوقاز وبحر قزوين، ثم الدخول إلى دربند Derbent، ووصلوا إلى أورميا Urmia في أذربيجان حاليا، قبل أن يجتاحوا ويغزوا سورية سنة 625 ق.م. 

يقول يوسيفوس في كتابه الحرب اليهودية إن الاسكندر قام بإغلاق ممر بين الجبال جنوب بحر قزوين بواسطة بوابة حديدية.

يأجوج ومأجوج في نبوؤات سيبيل

اضغط على الصورة لتكبيرها


هي عبارة عن مجموعة كتب عددها من 12 إلى 14 كتابا، تضم نصوصا مكتوبة بأوزان شعرية يونانية، تعود للفترة قبل القرن الخامس ميلادي. وهي تختلف في هوية مؤلِّفاتها وتواريخ تأليفها بالإضافة إلى ظروف الكتابة والمفاهيم الدينية. 

هاته الكتب عبارة عن نبوءات مختلفة لنساء مختلفات اعتُبرن في محيطهن نبيّات أو متلقيات للوحي الرباني، حيث كنّ يدخلن في حالة جنونية أو هستيرية ويبدأن في التلفظ بهذا الوحي. تعتبر هذه الكتب مرجعا مهما للباحثين في مجال الميثولوجيا الكلاسيكية والمعتقدات الغنوصية واليهودية والمسيحية الخاصة بتلك الحقبة المبكرة. 

نجد في الكتاب الثالث لهاته النبوءات ذكرا ليأجوج ومأجوج في سياقين اثنين، ولكن كليهما يعتبران معلومة تاريخية عادية وليست دلالة على أحداث مستقبلية مرتبطة بآخر الزمان. يذكر السياقان أن يأجوج ومأجوج قبائل أو أقوام ينتظرها عذاب إلهي عظيم.