كيف ترك الرواد آثار أقدامهم على القمر

انقر على الصورة لتكبيرها



نناقش اليوم بمشيئة الله وتوفيقه موضوع آثار الأحذية التي تركها رواد رحلات أبولو على القمر. يؤمن أنصار نظرية المؤامرة بأن أثر الحذاء الذي تركه باز ألدرين ونيل أرمسترونج رائدي رحلة أبولو 11 على أرضية القمر مزيف وغير صحيح لأنه لا يتطابق مع التصميم الموجود أسفل حذاء الرواد كما يظهر في الصور الرسمية لبزاتهم ومعداتهم. 

فإذا نظرنا إلى أسفل الحذاء في هذه الصورة التي تعرض البزة التي كانوا يلبسونها، نجد تصميما يختلف عن الذي يظهر في أرضية القمر، وبالتالي فإنه حسب المشككين من المنطقي استنتاج وجود فبركة وتزييف في الموضوع. حسنا، لننظر إلى صور الرواد التالية من مختلف مراحل المهمة القمرية. 

لنركز جيدا على الحذاء الذي يرتدونه. لنركز على شكله وحجمه ومظهره. الآن، هذه صورة من ضمن الصور الرسمية التي يعتمدها المشككون في تفنيد هذه النقطة. هل الحذاء هو نفسه الذي كانوا يرتدونه؟ طبعا لا. 

الحذاء المعني هو ذلك الموجود على جانب البزة. نعم، هذا بمثابة واقي إضافي يلبسه الرواد فوق الحذاء الأساسي من أجل المشي على أرضية القمر. والخطوط الموجودة بأسفله هي نفس الموجودة بالأثر على تربة القمر. إذن، وبكل بساطة، هذا الادعاء الذي يثيره المشككون يدخل ضمن خانة الادعاءات الباطلة والتي لائحتها طويلة جدا. 

هناك أيضا من يرى استحالة ترك آثار أقدام على القمر حيث أن القمر لا يحتوي على غلاف جوي ولا على بخار ماء عكس ما يوجد على الأرض. حسنا، نستشهد هذه المرة أيضا بمقطع من برنامج Mythbusters يتناول هذه النقطة. 

هنا يتحدثون عن التربة القمرية وكيف أنها تختلف في تكوينها عن تربة الأرض. يتم هنا الإعداد للتجربة داخل حجرة مفرغة من الهواء مع الاستعانة بالحذاء الأصلي للرواد بالإضافة إلى التربة التي زودتهم بها ناسا. ونتيجة التجربة واضحة، وهي أنه علميا من الممكن أن يترك حذاء الرواد أثره في أرضية القمر رغم غياب الغلاف الجوي وبخار الماء.

كيف تحرك العلم الأمريكي على القمر بفعل الريح

انقر على الصورة لتكبيرها


نناقش اليوم بمشيئة الله وتوفيقه موضوع رفرفة العلم الأمريكي على سطح القمر. يؤمن أنصار نظرية المؤامرة بأن رفرفة العلم الأمريكي على سطح القمر حين تثبيته من طرف رواد أبولو هي بسبب وجود رياح في الجو، وبالتالي يستنتجون أن المقطع قد تم تصويره هنا على الأرض. 

حسنا، لننظر أولا لهذا العلم ومكوناته. الهيكل مصنوع من قطع الألومنيوم، والقماش مصنوع من النايلون. تم تثبيت القماش على الهيكل بطريقة تجعله يبدو منبسطا، وذلك بشده من الأعلى على الأنبوب الأفقي ومن الجانب على الأنبوب العمودي. 

قبل أن ننظر إلى التحليل التطبيقي، دعنا نذكر بعض الأمور النظرية. متى تحرك العلم بالضبط؟ إذا نظرنا مليا إلى العلم وهو يتحرك نجد أن حركته مرتبطة بحركة الرائد وهو يحاول تثبيته في الأرضية. بينما يحاول الرائد تثبيت الهيكل في الأرضية عن طريق تدويره يتحرك القماش المثبت به لأنه يتبع حركته. وحال انتهاء عملية التثبيت ولمس الرواد لهيكل الألومنيوم، تسكن حركة العلم تدريجيا حتى يستقر. 

السؤال الآن، رأينا أن العلم تحرك بشدة، إن كان ذلك بفعل الرياح، فهذا يعني أن الريح قوية، مع ذلك، لم نر أي شيء آخر يتأثر بهبوب الرياح، لا شيء يتطاير، لا غبار، لا حجارة صغيرة تتدحرج على الأرض ولا شيء آخر مصاحب للريح من الأمور المعتادة. سنستشهد هذه المرة ببعض المقاطع من إحدى حلقات برنامج هادموا الأساطير Myth Busters، حيث قاموا بعمل تجربة تحاكي مسألة رفرفة العلم وذلك باستخدام علم طبق الأصل للعلم المستخدم في مهمات أبولو القمرية وتجريبه داخل حجرة مفرغة تحاكي الوضع على القمر. الهدف هو معرفة ما إذا كان العلم سيتحرك بنفس الطريقة التي تحرك بها في مقطع المهمة القمرية بدون وجود هواء. 

نراهم هنا يقومون بتركيب القطع مع بعضها لنسخة طبق الأصل للعلم المستخدم في مهمات أبولو. الغرض من هذا العمود الأفقي هو الإبقاء على شكل العلم منبسطا. بعد تثبيت العلم على قاعدته، تبدأ التجربة قبل تشغيل الحجرة وإفراغها من الهواء. يتم تحريك العلم بنفس الطريقة التي حركه بها الرواد أثناء تثبيته على القمر. نلاحظ تحرك العلم بالشكل الذي نتوقع رؤيته عليه في جو الأرض. 

 ننتقل إلى الجزء الأهم الآن، وهو تحريك العلم بعد إفراغ الحجرة من الهواء لتحاكي جو القمر. نرى بوضوح أن العلم يتحرك أيضا بدون وجود هواء أو ريح فقط بفعل الحركة النصف دائرية إلى الجهتين. بل ونرى أيضا أن درجة تحركه أكبر منها في التجربة الأولى. ونرى بوضوح أيضا أن الحركة هي نفسها في فيديوهات ناسا من على القمر.

كيف فبركت ناسا فيلم المهمة القمرية

انقر على الصورة لتكبيرها


نناقش اليوم بمشيئة الله وتوفيقه موضوع مقطع المهمة القمرية وكونه تم التعديل على سرعته من ناسا. يؤمن أنصار نظرية المؤامرة بأن المقطع أو المقاطع التي عرضتها وسجلتها ناسا للمهمة أو المهمات القمرية مفبركة، بحيث تم تسجيلها هنا على الأرض ثم تم إبطاء سرعتها الأصلية لتحاكي بيئة القمر. وطريقة معرفة هذه الفبركة تتجلى في تسريع المقطع حتى تصبح حركة الرواد طبيعية. 

حسنا، للحديث عن الموضوع يجب أن نفهم أولا ما هي السرعة البطيئة slow motion. هناك طريقتان للحصول عليها، الأولى، تسجيل المقطع بالسرعة العادية ثم إبطاءه لاحقا. والثانية، تسجيل المقطع بالسرعة العالية ثم عرضه بالسرعة العادية لاحقا. وهي تبدو أفضل وأكثر واقعية من الأخرى بدون الدخول في تفاصيل تقنية. لكن لم يكن هناك سنة 1969 أية كاميرا بعد تستطيع تصوير الفيديو بالسرعة العالية وتشغيلها بالعرض البطيء، التقنية لم تكن متوفرة آنذاك، ولهذا نستثني هذا الخيار. يتبقى لنا الخيار الأول وهو تسجيل المقطع بالسرعة العادية ثم عرضه بالسرعة البطيئة. 

ولكن المشكلة هي أن وسيلة التسجيل التي كانت متوفرة آنذاك لم تكن لتفي بالغرض. فقد استخدمت الكاميرات أقراصا ممغنطة ذات سعة إجمالية لا تتجاوز 30 ثانية من البث الحي، وهذا يعطي 90 ثانية من العرض البطيء. البث الحي للمهمة القمرية أبولو 11 استغرق 143 دقيقة شاهدها ملايين الناس حول العالم على شاشات التلفاز. لو كانت ناسا عرضت الفيلم، الذي سجلته حسب المشككين داخل استديوهاتها، بالسرعة البطيئة، لكان يجب عليها امتلاك قرص ممغنط بسعة 47 دقيقة. 

 لنبسط قليلا هذا المفهوم قبل أن نتابع. القرص الممغنط المتوفر آنذاك، يسمح بتسجيل 30 ثانية بالسرعة العادية، بالعرض البطيء تصبح المدة 90 ثانية. المقاطع التي نشاهدها اليوم للمهمة القمرية هي مقاطع صغيرة، ويسهل فبركتها، لكن بث المهمة القمرية استمر لمدة 143 دقيقة، إن كانت بالعرض البطيء كما يدعي المشككون، فهذا يجعل سعة القرص الأصلية الذي تم تسجيل الفيلم عليه 47 دقيقة. أي أنها امتلكت قرصا لم يتم اختراعه بعد. هذا يعني أن ناسا امتلكت قرصا خاصا جدا تعادل سعته 1410 ثانية مقارنة بالذي كان متوفرا ذو ال 30 ثانية. لكن حسب المشككين، فهذا ليس مستبعدا، لأن ناسا لها تكنولوجيا سرية جد متطورة. هذا أيضا منطق مضحك، لأن المشككين أنفسهم وصفوا نظام الملاحة الخاص بمكوك المهمة القمرية بأنه بطيء أو بالأحرى بدائي نوعا ما. من فضلكم، اختاروا أمرا واحدا، إما أن ناسا تمتلك تكنولوجيا متطورة، إما أنها تمتلك تكنلوجيا متخلفة. لا يمكن الأمرين معا. 

هناك أيضا من ذهب إلى تفسير آخر يعتقده أكثر منطقية. وهو أنا ناسا فعلا استخدمت القرص ذو سعة ال 30 ثانية، لكنها استخدمت أقراصا كثيرة وقامت بقطع وإلصاق الشريط (لأنه آنذاك لم يكن وسيط التخزين رقميا مثل الآن). حسنا لننظر إلى هذا الادعاء أيضا. كانت البكرة الواحدة تحمل شريط تصوير مدته 11 دقيقة وبطول 304 متر. مدة 143 دقيقة يلزمها 6 بكرات ونصف بحيث يصل الطول الإجمالي للشريط تقريبا كيلومترين اثنين. 

يجب قص ولصق هذه الأشرطة مع بعضها البعض لتعطي شريطا واحدا، ويجب تخزين هذا الشريط في حجرة فيلم واحدة ضخمة، وهذه غير موجودة أصلا. عملية النقل والطباعة لنسخ النيغاتيف كانت ستخلف بدون شك آثار مختلفة مثل الخدوش والبقع والغبار وغيرها كالتي تظهر في الأفلام القديمة، وكل هذا غير موجود بتاتا في البث الذي شاهده الملايين حول العالم. كخلاصة لهذا الباب، تقنيا، لم يكن ممكنا فبركة الفيلم وعرضه بالتصوير البطيء كما يظن المشككون لأن التكنولوجيا لم تكن متوفرة آنذاك، بل هي حديثة عهد بتصوير الفيديو. فإذا أردت الحكم على صحة الشريط، احكم عليه انطلاقا مما كان متوفرا حينها.

كيف فبركت ناسا حجارة القمر

انقر على الصورة لتكبيرها


نناقش اليوم بمشيئة الله وتوفيقه موضوع حجارة القمر المزيفة. يؤمن أنصار نظرية المؤامرة بأن الحجارة القمرية التي جلبها رواد رحلة أبولو مزيفة، وأنها مجرد صخور ملفقة بعناية. الدليل الذي يستندون عليه هو حادثة حجر القمر الذي كان يعرضه المتحف الوطني الهولندي. فقد تبين أن الحجر ليس سوى قطعة من الخشب المتحجر بعد تحليله. حسنا، دعنا ننظر إلى الحادثة وبعض تفاصيلها المهمة. 

في سنة 2009 تناقلت بعض وسائل الإعلام خبر اكتشاف القيمين على المتحف الوطني الهولندي بأمستردام أن الحجر القمري من بعثة أبولو 11 الذي كان يعرض ضمن مقتنياته مجرد قطعة من الخشب المتحجر. بطاقة الحجر تذكر أنه تم التبرع به يوم التاسع من أكتوبر سنة 1969 خلال الجولة العالمية لطاقم أبولو 11 من طرف J.W. Meddendorf II السفير الأمريكي بهولندا آنذاك، لفائدة Willem Drees وزير هولندي سابق خدم فترته قبل عشرة أعوام من ذلك التاريخ. 

حينما توفي الوزير الهولندي سنة 1988 تم عرض الحجر بالمتحف. في سنة 2006، رأى عالم فيزياء هولندي الحجر وانتابه الشك حوله بسبب لونه المحمر، فأخطر مسؤولي المتحف أنه من غير المرجح أن تكون ناسا قد تبرعت بهذا الحجر، وفقط بعد ثلاثة أشهر من مهمة أبولو وحتى قبل وصول العينات الأخرى من الرحلات اللاحقة. 

هذا بالإضافة إلى أن الحجارة الأخرى التي تبرعت بها ناسا لفائدة الدول الأخرى أقل حجما منه بكثير. اتصل القيمون على المتحف بمكتب ناسا ليستفسروا عن معلومات حجر تبرع به السفير الأمريكي سنة 1969، فأكد المكتب أنه لا توجد لديهم أية سجلات بخصوص ذلك الحجر ولم يسبق لهم أن وثقوا خروجه من جهتهم. فقام المتحف بفتح بحث في موضوع الحجر سنة 2009 ليتوصل إلى النتائج التالية: طريقة حصول المتحف على الحجر ليست الطريقة التي اعتمدتها ناسا في التبرع بالعينات لأكثر من 100 دولة، فلا يمكن أن يتسلم العينة سوى شخص يمثل الحكومة آنذاك، وليس شخص سابق في تمثيلها. 

العينات التي تبرعت بها ناسا مجرد شظايا صغيرة الحجم وموثقة في مستندات خاصة، وهذا الحجر كبير الحجم وغير موثق. العينات أيضا تم تغليفها بمادة بلاستيكية شفافة قبل تسليمها لممثلي الدول وهذا الحجر لم يكن كذلك. الحجر يحتوي في مكوناته على الكوارتز وعناصر أخرى تضعه في فئة الأخشاب، الحجارة الأخرى التي فحصها العلماء تحتوي نسبا مختلفة من معادن عدة كالبيروكسين والاوليفين إضافة إلى الحديد والمغنيزيوم وغيرها. 

 إذن، الخلاصة هي أن ناسا لم تتبرع بذلك الحجر للمتحف الهولندي ولا وجود له في السجلات الرسمية. ولو كانت حجارة القمر مفبركة لكانت جميعها كذلك، لكن هذا الأمر غير صحيح، فقد فحص الكثير من العلماء الكثير من العينات ولم يحدث أن تحدث أحدهم عن وجود حجر مفبرك.

كيف كذب الرواد حول رؤية النجوم

انقر على الصورة لتكبيرها




نناقش اليوم بمشيئة الله وتوفيقه قضية إنكار رواد الفضاء لرؤيتهم النجوم وهم على سطح القمر. تنتشر لدى المؤمنين بنظريات المؤامرة مقاطع عدة تروج لفكرة أن رواد رحلات أبولو إلى القمر اعترفوا بأنهم لم يتمكنوا مطلقا من رؤية النجوم طوال فترة تواجدهم بالفضاء وعلى سطح القمر. وهذا الأمر يثبت كذبة الصعود المزعوم للقمر لأن المتعارف عليه في الوسط العلمي أن النجوم يمكن رؤيتها من خارج الأرض. واعتراف الرواد بذلك هو دليل كذبهم. حسنا، دعنا نلقي نظرة على أهم مقطع من هذه المقاطع (عرض الفيديو). 

هذا المقطع طبعا هو جزء من المؤتمر الصحفي لطاقم أبولو بعد العودة من رحلتهم إلى القمر سنة 1969 والذي استمر لأكثر من ساعة واحدة. لنلقي نظرة أخرى إلى الجزء الذي يخصنا ونركز على سياق الكلام دون حذف أو تحوير لنرى هل فعلا هذا الادعاء صحيح (مشاهدة المقطع). حسنا، كما رأينا، أرمسترونج قال بأنهم بدون استخدام أدوات بصرية، لم يتمكنوا من رؤية النجوم بالعين المجردة وهم نهارا على سطح القمر. حديث الرواد هذا ليس فيه إنكار لرؤية النجوم بالمعنى الذي يروجه المشككون حيث يدعون أنهم لم يروها مطلقا طوال مدة الرحلة. بل كانوا يقصدون أن أشعة الشمس القوية تحجب رؤية النجوم على الجانب المنير من القمر. الرواد تحدثوا هنا عن لحظة بعينها، وهي لحظة تصوير هالة الشمس، أو بينما كانوا نهارا على سطح القمر. لم يتحدثوا عن عدم رؤيتهم للنجوم طوال رحلتهم. لنستمع مجددا إلى جزء مطول من المقطع (المقطع). 

إذن، بالاستماع إلى كلام الرواد بكامله في سياقه الأصلي نجد ذكرهم لرؤية النجوم واستخدامها كمرجع لعمل حساباتهم في المهمة القمرية، وهو عكس ما يدعيه المشككون. وهناك نقطة أخرى مهمة، فحسب المشككين، هذه الحركة التي قام بها أرمسترونج بمرفقه لزميله كولينز عندما عقب على كلامه حول رؤية النجوم تبين أنه كان سيقول كلاما يفضح أمرهم فوكزه لينتبه. المؤتمر طبعا لم يتم تصويره بكاميرا وحيدة، بل كانت هناك كاميرا أمامية أيضا، وهي تكشف سخافة هذا الادعاء، هذا مثال فقط على التلفيقات الكثيرة التي يدرجها هؤلاء المشككون سواء في هذا الموضوع أو غيره. إذن، في هذه الادعاءات تضليل كبير طبعا، لأن أخذ جزء من الكلام خارج سياقه وترويجه على أنه شيء آخر يشبه تماما اقتطاع عبارة "ويل للمصلين" وترك باقي الآية الكريمة حيث السياق الأصلي. وهذا من أجل التضليل فقط. وقبل أن نختم هذا الجزء، ننظر بعجالة إلى قضية عدم ظهور النجوم في صور القمر التي التقطتها الرحلات القمرية. فما يثيره المشككون هنا هو أن الصور تم التقاطها داخل استوديو ذو خلفية سوداء تحاكي السماء، لذلك ليس بها نجوم. 

حسنا، هل سبق لك وأن قارنت النجوم التي تراها ليلا بينما أنت في منزلك في المدينة وبين النجوم التي تراها وأنت في الريف أو البادية أو حتى في ضواحي المدينة؟ إن لم تكن قد فعلت، فيجب عليك فعل ذلك بداية وقبل أي شيء. سترى أن عدد النجوم التي تراها في سماء المدينة قليل جدا مقارنة بالتي تراها في سماء الريف، والسبب هو أن أضواء المدينة تحجب رؤيتها. وأيضا، هل سبق لك وحاولت التقاط صورة للسماء ليلا وتفاجأت بأن النجوم لا تظهر في الصورة؟ إن لم يسبق لك وقمت بهذا، فافعل الليلة وتأكد بنفسك. ما نتحدث عنه هنا هو ما يصطلح عليه علميا بدرجة التعرض أو التعريض للضوء Exposure. وهو يشير إلى كمية الضوء التي يُسمح بالتقاطها. أحيانا قد تكون درجة هذا التعريض مشكلة بحيث تؤثر على التفاصيل الذي تظهر على الصور الملتقطة. قد يكون التعريض مرتفعا أكثر مما يجب overexposure، فيؤدي إلى ظهور بعض الأجزاء المضيئة في الصورة بيضاء تماما وفقدان بعض التفاصيل. ويمكن أن يكون هذا التعريض منخفضا أكثر مما يجب underexposure، فيؤدي إلى ظهور بعض الأجزاء الداكنة سوداء تماما وفقدان التفاصيل الموجودة بها. 

في صور القمر، لا تظهر النجوم في السماء بسبب التعريض المنخفض underexposure، ولو كانوا ينوون ظهورها في الصور كان يجب عليهم رفع درجة التعريض بشكل كبير، مما كان سيُفقد التفاصيل الأساسية للصورة. وطبعا لم يكن الهدف تصوير النجوم. يعني، هذه مسألة تقنية ولا علاقة لها بوجود مؤامرة في الموضوع. لو حاولنا مثلا رفع مستوى التعريض في هذه الصورة، ستظهر آثار بعض النجوم، لكن الصورة بكاملها تصبح غير صالحة. وطبعا ضبط إعدادات التعريض لالتقاط النجوم يجب أن يتم لحظة التصوير وليس بعدها.

كيف تعمل الصواريخ في الفضاء


اضغط على الصورة لتكبيرها



من بين الأمور التي يؤمن بها المعتقدون بسطحية الأرض (الأرض المسطحة) موضوع استحالة عمل الصواريخ في الفضاء. هذا الإيمان ينبني على سببين أو عاملين اثنين. الأول هو احتياج الصواريخ للأوكسجين من أجل حرق الوقود، ولعدم وجود أوكسجين في الفضاء فإن احتراق الوقود مستحيل. والثاني هو احتياج الصواريخ للهواء من أجل أن تندفع للأمام مثل الطائرات، وغياب الهواء في الفضاء يجعل الأمر مستحيلا. 

الجانب الأول المتعلق بحرق الأوكسجين ينم عن جهل بآلية عمل الصواريخ وبينتها الداخلية، فهي لا تستخدم الأكسجين الموجود بالغلاف الجوي من أجل حرق الوقود، بل هي مزودة بمخزونها الخاص من الأوكسجين. 



فالصواريخ التي تعمل بالوقود السائل، تضم حجرتين داخليتين، إحداهما تحتوي على الوقود السائل، والأخرى تحتوي على الأكسجين السائل، كلتاهما تتصلان بحجرة ثالثة، هي غرفة الاحتراق. بينما الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب تحتوي على حجرة واحدة تضم كلا العنصرين معا، الوقود والأكسجين، ويتم حرقهما في حجرة الاحتراق. وهكذا، فالصواريخ لا تحتاج أصلا للأوكسجين الخارجي حتى تعمل في الفضاء. 

الجانب الثاني المتعلق باحتياج الصواريخ للهواء في الفضاء حتى تندفع للأمام ينم أيضا عن سوء فهم لبعض أساسيات الفيزياء. نتحدث هنا بالتحديد عن قانون نيوتن الثالث. فكما هو معروف، يفيد هذا القانون بأن لكل فعلٍ دائما ردُّ فعلٍ مساو له في الشدة ومعاكس له في الاتجاه. فالقوة التي يبذلها جسم (أ) على جسم (ب) لا بد أن تكون من نفس الحجم ولكن في اتجاه معاكس للقوة التي يبذلها الجسم (ب) على الجسم (أ). 



مثلا، يتحرك السباح في الماء بتحريك يديه أو رجليه أو كلاهما إلى الخلف، هذه القوة التي يسلطها على الماء تقابلها قوة أخرى من الماء على السباح معاكسة لها، مما ينتج عنها اندفاع السباح للأمام. وهذا الأمر ينطبق أيضا على الطائرات العادية وطائرات الهليكوبتر وكذلك الطيور، فهي تطبق قوة على الهواء ينتج عنها قوة تدفعها في الاتجاه المعاكس حيث تود الطيران.



بالعودة للصواريخ، فهي لا تحتاج إلى الهواء حتى تندفع إلى الأمام وتطير أينما تريد في الفضاء. فآلية عملها ترتكز على توفير الدفع الآلي داخليا. حينما يشتعل الوقود داخل حجرة الاحتراق فهو يولّد ضغطا هائلا بسبب تحول الوقود إلى غازات. 

كمية هذه الغازات الهائلة تحتاج إلى مخرج حتى يتم تصريفها، ولهذا المخرج الوحيد المخصص لها موجود بمؤخرة الصاروخ. فالقوة التي تندفع بها الغازات نحو الخارج تسلط بدورها قوة عكسية ينتج عنها تحرك الصاروخ نحو الأمام. 



داخل الغلاف الجوي للأرض، يسلط الهواء مقاومة عكسية على الصاروخ تقلل من سرعته الحقيقية، وذلك لاحتكاك جسم الصاروخ بذرات وجزيئات الغازات المكونة للهواء، بينما لا توجد بالفضاء ذرات وجزيئات من هذا القبيل أو بهذه الكثافة، مما يجعل حركة الصاروخ أسهل بكثير لعدم وجود مقاومة. وبحسب قانون نيوتن الأول، فإن الجسم المتحرك بسرعة ثابتة في خط مستقيم يبقى على هذه الحالة ما لم تؤثر عليه قوة خارجية. وهكذا نستنتج أن الصواريخ تعمل في الفضاء، بل تعمل بشكل مثالي.

يأجوج ومأجوج - الحلقة الشاملة والجامعة

اضغط على الصور لتكبيرها




يأجوج ومأجوج، بالعبرية 'جوج أُو ماجوج، بالإنجليزية Gog & Magog، هما اسمان يظهران في الكتب المقدسة مثل القرآن الكريم والتوراة والإنجيل وكذلك في كتب الدين والتاريخ والجغرافيا من حقب زمنية مختلفة.
هذين الإسمين يشيران إلى شعب يتكون من عدة قبائل، كان يعيش في المناطق الشمالية لآسيا وأوربا خلف سلسلة القوقاز، وكانوا قوما عدائيين يغيرون على الشعوب والأقوام المجاورة ناحية الجنوب، حيث كانوا يتخذون ممرا بين جبال القوقاز ويفسدون في الأراضي المتواجدة هناك. فقام ذو القرنين ببناء ردم من نحاس وقطر ليغلق أمامهم ذلك المنفذ.



زكريا سيتشن، الأنوناكي والحضارة السومرية (الذين هبطوا من السماء)

اضغط على الصورة لتكبيرها



التعريف بسيتشين

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. مرحبا بكم في هذه الحلقة الجديدة حول موضوع زكرياء سيتشين و الأنوناكي والحضارة السومرية. موضوع الأنوناكي موضوع كبير ومتشعب، وحتى نغطيه كاملا يلزمنا تقسيمه وتبسيطه على شكل حلقات. اليوم سنقتصر الحديث فقط عن التصور الذي طرحه زكرياء سيتشين بخصوص المجموعة الشمسية. وفي الحلقات القادمة إن شاء الله سنتناول مواضيع أخرى مثل كوكب نيبيرو ومخلوقات الأنوناكي وقصة الخلق وغيرها. طبعا الفرضية أضحت الآن معروفة للأغلبية، ولكن طرحنا لها ليس من باب شرحها، بل من باب تقييمها والنظر إلى مدى صحتها.


اضغط على الصورة لتكبيرها 

بداية، ننظر بعجالة إلى ورقة تعريفية لزكريا سيتشين ومقدمة مختصرة حول فرضيته. هو كاتب ومؤلف أمريكي الجنسية، ولد في مدينة 'باكو' بأذربيجان سنة 1920، درس الاقتصاد بجامعة لندن، قم هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1952 حيث اشتغل مديرا تنفيذيا لإحدى شركات الشحن، وهناك بدأ بتعليم نفسه الكتابة المسمارية. توفي سيتشين سنة 2010 في نيويورك بعمر الـ 90. يعتبر زكرياء سيتشين أحد الآباء الروحيين لفرضية الفضائيين القدامى إلى جانب إيريك فوندانيكين، وقد كرس الترويج لهذه الفكرة في جميع كتبه. تناول سيتشين أيضا قصة أصل الخليقة، أو خلق الإنسان بالتحديد، حيث آمن من خلال دراساته وتحليلاته الشخصية لإرث الحضارة السومرية بفكرة أننا نحن البشر نتاج عملية تهجين مختبرية مزجت بين الحمض النووي DNA لإنسان هومو إيريكتوس والحمض النووي لمخلوقات الأنوناكي. 

حسب رؤية سيتشين فإن هذه المخلوقات تعيش على كوكب إسمه نيبيرو يوجد بعد كوكب بلوتو، له مدار طولي حول الشمس يتمه في فترة تصل إلى 3600 سنة أرضية. وحينما مر كوكبهم هذا بجانب الأرض فيما مضى، نزلت هذه المخلوقات وبدأت تنقب عن الذهب كونه كان عنصرا ضروريا لترميم غلافهم الجوي المتهالك، وبعدما اكتشفوا وجوده بكميات كبيرة، أنشؤوا قواعد ومناجم لاستخراجه. حينما شعروا بأن الأمر مضن ومتعب فكروا في حل بديل. هذا الحل كان مزج جيناتهم مع جينات إنسان هومو إيريكتوس في مختبراتهم العلمية، فخلقوا سلالة جديدة أطلقوا عليها إسم آدمو. وجعلوهم عبيدا ونصبوا أنفسهم آلهة لهم. فاستخدموهم في عملية استخراج الذهب. بيعت الملايين من النسخ من كتب سيتشين حول العالم وترجمت إلى أكثر من 25 لغة. 

رفض جميع العلماء والأكاديميين المهتمين بدراسة الحضارات القديمة والآثار وغيرها أفكار سيتشين، ووصفوها بأنها لا تستند على أدلة علمية، بل مجرد أفهام وترجمات شخصية. أيضا، يرفض الكثير من الناس اليوم أفكار سيتشين هذه كونه ماسوني يروج فقط للأجندة الماسونية. طبعا نحن لن نعتبر انتماءه الماسوني هو الدليل على بُطلان فرضيته، ولكننا سننظر إلى أفكاره وسنناقشها علميا وأكاديميا إن شاء الله. اللغة السومرية دعنا نتحدث بداية عن اللغة السومرية بشكل مقتضب. 


اضغط على الصورة لتكبيرها

اللغة السومرية هي أقدم لغة مكتوبة سجلها التاريخ، وقد ازدهرت بين الألفيتين الرابعة أو الثالثة قبل الميلاد على أقل تقدير. خلال الألفية الثانية قبل الميلاد، حصل تطور وتناقح مزدوج بين اللغتين السومرية والأكادية بحيث أثرت كل واحدة منهما في الأخرى، ثم بعد مرور الزمن أصبحت الأكادية هي لغة السومريين، ولكن فقط كلغة منطوقة. بينما كلغة مكتوبة فقد احتفظ السومريون بلغتهم الأصلية واعتبروها لغة مقدسة وطقسية وأدبية وعلمية ظلت كما هي حتى نهاية الحقبة الأكادية، أي بموازاة نشأة المسيحية. 

ظلت اللغة السومرية منسية حتى القرن التاسع عشر حينما تمكن علماء الآشوريات من فك رموز الكتابة المسمارية بعد اكتشاف نقش بيستون، وهو نقش مسماري ثلاثي اللغة مكتوب بالفارسية القديمة والعيلامية والأكادية. (العيلامية هي أيضا لغة فارسية قديمة تعود للحقبة التي غزا فيها الاسكندر الأكبر بلاد فارس). فبعد فك شفرة الكتابة المسمارية، تم التعرف على لغة غير معروفة في النصوص البابلية، أطلق عليها اسم اللغة السومرية. اسمها عند السومريين كان " إمه گِر" أي اللغة الأصلية، بينما كان اسم البلاد " كِنگير". 

المجموعة الشمسية في الألواح السومرية 


اضغط على الصورة لتكبيرها

حسنا، دعنا الآن نتطرق إلى لب الموضوع ونستهل تحليلنا لفرضية سيتشين. هذا الختم أو اللوحة الطينية التي ننظر إليها الآن هي أشهر لوحة سومرية اعتمدها زكرياء سيتشين كدليل على وجود اثني عشر كوكبا بالمجموعة الشمسية، طبعا باحتساب الشمس والقمر، ومن ضمنها كوكب نيبيرو. المشكلة الأكبر في تفسير سيتشين لهذه اللوحة هي كونه يناقض محتوى الألواح السومرية نفسها. وهذا سنوضحه بعد قليل إن شاء الله تعالى.


اضغط على الصورة لتكبيرها


في هذه اللوحة الطينية نجد أربعة أسطر أو أربع كلمات، إحداها مكررة، وهي المشار إليها بالرقم 1، هي اسم شخصي يُقرأ 'دوبسيغا'، والثانية اسم آخر 'إيليلات"، أما الأخيرة فهي عبارة "خادمك / أو خادمه". فيكون مضمون هذا الختم هو: دوبسيغا، إيليلات، خادمك. الشخصان الواقفان أحدهما يتقدم الآخر ممسكا بيده وكأنه يقدمه للشخص الجالس الذي بدوره يظهر وكأنه يقدم لهما محراثا.


اضغط على الصورة لتكبيرها

نعود الآن للجزء الذي يصور حسب زكرياء سيتشين المجموعة الشمسية. كيف نعرف أن سيتشين مخطئ تمام الخطأ في فرضيته هذه؟ الجواب بسيط جدا، وحتى أننا لسنا من يقدم هذا الجواب، بل السومريون أنفسهم. فالسومريون لم يكونوا يرمزون للشمس بهذا الرمز، وهذا الأمر ثابت في مئات الألواح الأخرى إلى جانب أمثلة كثيرة من منطقة بلاد الرافدين. كانت الشعوب آنذاك تعتبر الأجسام السماوية من كواكب ونجوم إشارة إلى الآلهة، وكانت تطلق عليها أسماء مختلفة حسب نوع الإله الذي تمثله. بالنسبة لإله الشمس فقد كانوا يطلقون عليه اسم "شاماش" بالأكادية أو "أوتو" بالسومرية. كما نشاهد في هذه الأمثلة القليلة، فإن رمز الشمس مختلف عن الرمز الذي يقول سيتشين عنه شمسا، فرمزها يختلف بكونه يضم خطوطا منعرجة أو متموجة بين كل رأسين أو ذراعين، وأحيانا مجرد دائرة بها أربع خطوط متموجة أو قرص مجنح. وكما ذكرنا قبل قليل، فهذا الرمز ثابت في مئات الألواح والنقوش الأخرى، ولم يستبدله السومريون أبدا بأي رمز آخر. وهكذا فإن هذا الختم لا يصور المجموعة الشمسية كما يعتقد سيتشين. ولو كان الغرض من ذلك تصوير المجموعة الشمسية لاستخدم السومريون رمز الشمس الرسمي. فإلى ماذا يشير هذا الرمز إذن إن لم يكن شمسا؟


اضغط على الصورة لتكبيرها


إنه يشير ببساطة إلى نجمة أو كوكب يمثل إلها من الآلهة. وهذا أيضا ثابت في ألواح ونقوش كثيرة. فالدائرة المحاطة بأذرع فقط، والتي تختلف في عددها، هي نجوم أو كواكب، فهناك منها ذات ستة أذرع، وهناك ذات سبعة وأيضا ذات ثمانية. وذلك حسب النجمة أو الكوكب والإله الذي ترمز إليه. كما نرى في الصورة العلوية على اليسار، فإن النجمة ذات الثمانية أذرع هي رمز لكوكب Venus أو الزهرة، وفي نفس الوقت الإلهة Ishtar عشتار أو عشتروت. في الصورة بجانبها، فوق الرجل العقرب وبجانب قرص الشمس المجنح نجد نجمة ذات سبعة أذرع، وفي الأسفل نجمة ذات ستة أذرع. إلى جانب النجمة الأساسية نجد مجموعة من الأجسام الصغيرة التي هي في الغالب سبع نجمات تشير إلى كوكبة الثريا، وهذه الكوكبة شائعة في الكثير من الألواح السومرية كالتي ننظر إليها الآن. تضم كوكبة الثريا العديد من النجوم، لكن الاقتصار على سبع منها فقط هو بسبب كونها النجوم الأكثر سطوعا بينها.

 
اضغط على الصورة لتكبيرها

هكذا إذن، نختم الموضوع بقولنا مجددا إلى الختم الذي أمامنا لا يشير إلى المجموعة الشمسية لأن رمز الشمس عند السومريين مختلف عن أي رمز آخر. وبالتالي فإن كلام سيتشين بهذا الخصوص كلام غير صحيح. 

في الحلقة المقبلة إن شاء الله، سنتابع الحديث عن الموضوع، وسنتطرق إلى موضوع كوكب نيبيرو وعلم الفلك عند السومريين. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.  



نيبيرو 


اضغط على الصورة لتكبيرها

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. في الحلقة الماضية تحدثنا عن النقش السومري الذي اعتمده زكريا سيتشين كدليل على وجود اثني عشر كوكبا بالمجموعة الشمسية وأوضحنا الخطأ الفادح الذي وقع فيه. فالرمز الموجود على النقش ليس رمز الشمس عند السومريين. ومن لم يشاهد الحلقة فليفعل ذلك فضلا ليفهم الفكرة. 

نتناول اليوم إن شاء الله تعالى موضوع كوكب نيبيرو أو كما يسميه سيتشين الكوكب الثاني عشر. حسنا، بداية كما جرت العادة، نطرح الفرضية قبل أن نناقشها. 

أضحى كوكب نيبيرو اليوم من أشهر الأمور عند الحديث حول موضوع الأنوناكي أو السومريين أو حتى نهاية العالم. وكل ذلك راجع إلى أفكار زكرياء سيتشين. فهو افترض أن السومريين كانوا يعلمون بوجود كوكب ثاني عشر في المجموعة الشمسية خلف كوكب بلوتو أطلقوا عليه اسم نيبيرو، يدور حول الشمس في مدار طولي وعكسي يُتمه في فترة زمنية تعادل 3600 سنة أرضية. 


اضغط على الصورة لتكبيرها

هذا الكوكب كان كوكبا تائها في الفضاء، وحين مروره بالقرب من المجموعة الشمسية عَلِق في مدار جديد بفعل جاذبية الكواكب، فانحرف عن مساره الأصلي وأصبح حبيسا في مجموعتنا الشمسية. وحسب سيتشين، كان هناك كوكب فيما مضى اسمه تيامات، تصادف أن تواجد في مدار نيبيرو، هذا الأخير ارتطم به مخلفا ما يعرف اليوم بحزام الكويكبات Asteroid Belt، أما الجزء المتبقي منه تحول مع مرور السنين إلى كوكب الأرض، وجزء أصغر منه تحول إلى القمر. الكثير من أتباع سيتشين كانوا يتوقعون مرور نيبيرو بجانب الأرض وتدميرها في سنة 2003، وبعدها توقع آخرون حدوث ذلك سنة 2012. والآن في 2018 هناك من يدعي أن نيبيرو قريب من الأرض، وهناك أيضا من يدعي أن هذا الأمر لن يحدث الآن، بل في الفترة بين سنتي 2090 و 2370 ميلادية. 

الأسئلة التي سنحاول الإجابة عنها في هذه الحلقة هي كالآتي: هل سيتشين على صواب في موضوع نيبيرو؟ هل عرف السومريون بوجود هذا الكوكب؟ وهل ذكرت الألواح الطينية السومرية قصة هذا الكوكب؟ 


اضغط على الصورة لتكبيرها

نيبيرو عند السومريين بالعودة إلى الألواح السومرية، وبالتحديد إلى الألواح التي تتحدث عن علم الفلك السومري وعلم الأبراج والخرائط النجمية والمنازل والتقويم، وعلى رأسها ألواح الخلق السبعة المعروفة باسم Enuma Elish، ولوحة الموسوعة الفلكية Mul.Apin بالإضافة إلى الإسطرلاب السومري، فإن الأدلة على مزاعم سيتشين منعدمة، خاصة فيما يتعلق بموضوع نيبيرو وعدد الأجسام السماوية في المجموعة الشمسية.

بينما تحدث سيتشين عن معرفة السومريين باثني عشر كوكبا بالمجموعة الشمسية باحتساب الشمس والقمر كما ذكرنا سابقا، تتحدث المصادر السومرية ونظيراتها من بلاد الرافدين عكس ذلك. فالألواح السومرية تؤكد بأن السومريين اعتمدوا سبعة كواكب فقط في المجموعة الشمسية، وكلها تحمل أسماء الآلهة العظمى حسب معتقداتهم. ادعاءات سيتشين لا تتوافق مع المعتقدات السومرية التي دونوها بأنفسهم، وهذا ما نراه في الجدول التالي. 


اضغط على الصورة لتكبيرها

هذا الجدول يقارن أسماء وعدد كواكب المجموعة الشمسية المتعارف عليها بأسمائها وعددها عند السومريين وأسماءها وعددها عند سيتشين. نرى بوضوح كيف أن سيتشين جاء بأسماء وأعداد مختلفة للكواكب ونسبها للسومريين، في حين نجد أن السومريين أنفسهم اعتمدوا أسماء وأعداد مختلفة. وهكذا يبدو جليا أن سيتشين أخذ أسماء بعض الآلهة السومرية والبابلية التي وردت قصصها في ألواح الخلق السبعة Enuma Elish ووزعها على كواكب المجموعة الشمسية بما يوافق هواه ويتماشى مع فرضيته حول نيبيرو وليس كما فعل السومريون. سوف لن ندخل في تفاصيل هذه الأسماء التي جاء بها سيتشين وسبب فعل ذلك، لأن الحديث سيطول كثيرا في أمور ثانوية وسيبعدنا عن لب الموضوع الذي هو كوكب نيبيرو. 

فما هي حقيقة نيبيرو عند السومريين؟ هل فعلا هو كوكب إضافي؟ هل هو كوكب مخلوقات الأنوناكي؟ إن كان كذلك، فلا بد وأن السومريين قد تحدثوا عنه في ألواحهم. فماذا تقول هذه الألواح حول نيبيرو؟ 


اضغط على الصورة لتكبيرها


النصوص السومرية الأساسية التي تناولت اسم نيبيرو هي التي ذكرناها قبل قليل: Enuma Elish، MUL.APIN والاسطرلاب السومري. بداية سنذكر باختصار النصوص التي جاء فيها ذكر الاسم بعيدا عن السياق الفلكي. أي بعيدا عن كونه كوكبا أو نجما. ورغم أن هذا الاستخدام ليس مهما في موضوعنا، لكن من الجيد ذكره. ورد ذكر نيبيرو في ملحمة جلجامش بمعنى نقطة العبور أو مكان العبور، وفي نفس الملحمة في سياق آخر بمعنى أجر العبور. وورد أيضا في النصوص الأكادية بمعنى نقطة أو بوابة العبور، وجسر أو طريق العبور. فيكون استخدام هذه الكلمة في سياق عام يفيد معنى "العبور" أو متعلق به ومتمحور حوله. 


 اضغط على الصورة لتكبيرها


الآن، ننظر إلى استخدام كلمة نيبيرو في السياق الفلكي. الجدول يضع ملخصا للسياقات التي وردت فيها كلمة نيبيرو. ماذا نستخلص من هذه السياقات التي ورد فيها ذكر نيبيرو؟ اعتُبر نيبيرو كوكبا، بالتحديد كوكب المشتري، لكن مرة واحدة كإشارة لكوكب عطارد. واعتُبر أيضا نجمة. وأخيرا اعتُبر نيبيرو إلاها، بالتحديد مردوخ. حسب المصادر السومرية، فإن السومريين فصلوا في أمر الأجسام السماوية التي يشاهدونها في السماء في كل شهر من أشهر السنة، وأطلقوا اسم نيبيرو على جسم سماوي يرونه كل عام في السماء، وليس مرة كل 3600 سنة. وأيضا، لم يرد سياق واحد في المصادر السومرية يتحدث عن كون نيبيرو كوكبا خلف كوكب بلوتو. أيضا، لم يرد سياق واحد في المصادر السومرية يتحدث عن علاقة نيبيرو بالأنوناكي. كذلك لم يرد سياق واحد في المصادر السومرية يتوافق مع أسماء الكواكب التي جاء بها سيتشين والآلهة التي تمثلها. 


اضغط على الصورة لتكبيرها

في الحلقة المقبلة إن شاء الله، سنتابع الحديث عن الموضوع، وسنتطرق إلى موضوع علاقة الأنوناكي بأبناء الله الذين ذكرهم الكتاب المقدس. حيث سنقارن فرضيات سيتشين بما هو مذكور في الكتاب المقدس. دمتم سالمين والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. 

           

إيلوهيم و نيفيليم



اضغط على الصورة لتكبيرها

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. مرحبا بكم مجددا في حلقة جديدة حول موضوع الأنوناكي. في الحلقتين الماضيتين، تناولنا موضوع المجموعة الشمسية في الألواح السومرية وموضوع كوكب نيبيرو، وتعرفنا على التناقضات القائمة بين مضمون ونقوش تلك الألواح وبين ما يدعيه زكرياء سيتشين وأتباعه. اليوم إن شاء الله تعالى نتطرق إلى موضوع "أبناء الله" الذي اعتمده سيتشين كدليل من الكتاب المقدس على فرضيته بخصوص مخلوقات الأنوناكي. 

سنناقش بالتحديد جزئية استدلاله بكلمتي Elohim و Nephilim من النسخة العبرية للكتاب المقدس.  

يحكي الكتاب المقدس أن مجموعة من الملائكة، أو أبناء الله كما يسميهم مجازا، والذين كلفهم الله تعالى بحراسة الأرض ومراقبتها قد فُتنوا بجمال بنات البشر، فقرروا التجسد بصورة بشر واتخاذهن زوجات لهم، فحملن لهم ووضعن جنسا هجينا سماه الكتاب المقدس Nephilim. تميز هذا الجنس الهجين باختلاف بنيته الجسدية عن باقي البشر، بحيث كان أفراده عمالقة ومفسدين في الأرض. عاقب الله تعالى الملائكة الذين قاموا بهذا العمل بأن طردهم من الملأ الأعلى وسجنهم إلى الأبد. أما العمالقة فقد أغرقهم الله بالطوفان العظيم في عهد سيدنا نوح ﷺ وصارت أرواحهم شياطينا بعد موتهم. يجب أن أنوه بداية أن حديثنا اليوم ليس عن صحة القصة من عدمها، وإن شاء الله ستكون هناك حلقة خاصة بهذا الموضوع حينما ييسر الله تعالى. 

وسبب ذكرنا لها الآن هو اقتباس سيتشين منها للاستدلال على فرضيته. يدعي سيتشين أن كلمة Nephilim تعني "الذين هبطوا من السماء" أو "الذين سقطوا من السماء" أو "الذين نزلوا من السماء في صواريخ نارية". كما أنه يدعي أن كلمة Elohim تعني الآلهة بصيغة الجمع، وأنها دليل من الكتاب المقدس على أنها لا تشير إلى الإله الواحد كما يعتقد أصحاب الديانات السماوية، بل إلى آلهة متعددة والتي هي الأنوناكي، وأن ما يؤكدها أيضا هو نظيرتها Ilanu بالأكادية. 

حسنا، دعنا نأخذ الموضوع خطوة خطوة، وحتى لا نجعله طويلا، فإننا لن نتطرق إلى تفاصيل التفاصيل، لأن النقاش سيكون لغويا نوعا ما، وبالتالي سنحاول الاختصار في مسألة القواعد اللغوية. نستهل حديثنا بكلمة Elohim. وردت كلمة Elohim 2602 مرة في النسخة العبرية من الإنجيل في سياقات مختلفة، منها ما يشير إلى الإله الواحد، ومنها ما يشير إلى الملائكة ومنها ما يشير إلى الملوك الذين حكموا الأرض، إلى غير ذلك من السياقات الأخرى. كما وردت بصيغ أخرى مثل: إل – إله – إلوه.  


 اضغط على الصورة لتكبيرها


تُعتبر كلمة El أقدم كلمة في اللغات السامية استُخدمت لتعني الله أو إله. وتدخل أيضا في تركيب أسماء الملائكة والأنبياء والأشخاص، بحيث تضاف EL إلى نهاية أو بداية الاسم. مثل جبرائيل، جبريل، ميكائيل، إسرافيل، إسرائيل، شموئيل، صموئيل، إليجاه، إلشداي، إل إليون، إلعُلام... الخ. من قواعد اللغة العبرية إضافة الجذر "im" إلى الكلمات من أجل تكوين صيغة الجمع، ولهذا قال سيتشين إن كلمة إلوهيم تعني آلهة كثيرة وليس إلها واحدا. 

صحيح أن الجذر "im"الملحق بالكلمات في نهايتها يُستخدم للدلالة على صيغة الجمع في اللغة العبرية، لكن ليس دائما. لماذا؟ لأنه يجب التفريق بين الجمع العددي، وجمع التعظيم. جمع التعظيم يعني استخدام صيغة الجمع مع المفرد كنوع من إظهار الاحترام أو التشريف، ومثاله أن تتحدث مع شخص ذو مكانة رفيعة وتقول له سيادتكم عوض سيادتك. أو كما هو الحال مع استخدام الله تعالى لكلمة "نحن" في القرآن الكريم مثل "نحن نقص عليك أحسن القصص"، "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"، "نحن نرزقكم وإياهم".. إلى غير ذلك من الأمثلة. 

الذين يجهلون القواعد اللغوية لأي لغة كانت، سوف يجدون أنفسهم بكل تأكيد أمام ارتباك كبير في فهم المعنى. وهذا بالضبط ما حدث لسيتشين. فلو كان على معرفة بالعبرية كما ادعى، لما وقع في هذا الخطأ. لأن معرفة أي الجمعين هو المقصود عملية يسيرة، تعتمد فقط على صيغة الفعل المرفق، فإن كان الفعل في صيغة الجمع أيضا، كانت الكلمة جمعا عدديا، وإن كان الفعل في صيغة المفرد كانت الكلمة جمع تعظيم أو احترام. 

 وفي المثال التالي من سفر التكوين نجد أن الفعل في صيغة المفرد، مما يعني أن الجمع هنا ليس جمعا عدديا، بل جمع تعظيم. " bə•rê•šîṯ bā•rā ’ĕ•lō•hîm; ’êṯ haš•šā•ma•yim wə•’êṯ hā•’ā•reṣ." "In the beginning God created the heavens and the earth" "في البدء خلق الله السماوات والأرض" نجد هنا كلمة إلوهيم في صيغة الجمع مع الفعل في صيغة المفرد برا أو برأ شبيهتها بالعربية الفصحى: برا إلوهيم، خلق الله، God created. لو كان المقصود جمعا عدديا لكان الفعل في صيغة الجمع أيضا، ويجب أن تُقرأ حينها: برؤوا إلوهيم، خلقت الآلهة، Gods created. كما أن اللغة العربية الفصحى تضم نفس الكلمة، وهي تشير إلى الإله الواحد أيضا، كلمة "اللهم". مثلا: "قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ"، "قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ"، "قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ".. وعليه، فإن ادعاء سيتشين بأن Elohim تعني الآلهة الخالقة المتعددة ولا تعني الإله الخالق الواحد أمر باطل، وهذا يدل على أنه لا يعرف قواعد اللغة العبرية، وبالتالي ربطه للكلمة بـ الأنوناكي أمر باطل أيضا. 


 اضغط على الصورة لتكبيرها


أما بخصوص كلمة نيفيليم، فكما أشرنا في البداية، سيتشين يقول إنها تعني الذين سقطوا من السماء، أو الذين هبطوا من السماء، أو الذين نزلوا من السماء في صواريخ نارية. وهو يعتمد عليها لأنها تخدم فكرته حول نزول الأنوناكي من الفضاء في مركبات فضائية. والسؤال المطروح هو: هل فعلا تعني كلمة نيفيليم، الذين هبطوا من السماء؟ يجب أن نعود أولا للسياق أين وردت الكلمة، وهذا بالأساس في سفر التكوين. حيث نجدها في القصة التي ذكرناها آنفا بخصوص الملائكة الذين اتخذوا من بنات آدم زوجات لهم قبل أن يطردهم الله تعالى من الملأ الأعلى لمخالفة أمره. نقرأ أن النسوة اللائي أقمن علاقة مع أبناء الله، أي الملائكة، قد ولدن الـ نيفيليم أو الجبابرة. 

الكلمة جاءت في صيغة الجمع وهي تنطق على وجهين اثنين، نفليم ونفيليم بالياء. وهذا الفرق في الكتابة يرجع إلى كون الكتابة العبرية كانت تُدون من غير حركات، تماما مثل العربية في البداية حيث كانت تكتب من دون تنقيط ومن دون حركات. وحينما أضيفت الحركات لاحقا ظهرت الكلمة بهاذين الوجهين. الجذر الأصلي أو الأساسي للكلمة هو ثلاث حروف نون في لاميد. نفل. وهو فعل. هذا الفعل هكذا بدون حركات يمكن أن يشير لعدة معاني من بينها فعل "نَفَلْ" يسقط، وصيغة الاسم المشتق منه تعني الذين أُسقطوا، أي في صيغة المفعول الذي وقع عليه الفعل، وليس في صيغة الفاعل الذي يقوم بالفعل.  

بعبارة أخرى، ادعاء سيتين "الذين هبطوا من السماء" يعني أنهم هم من قاموا بهذا الفعل، أي هبطوا من تلقاء أنفسهم، في حين أن قول "الذين أُهبطوا من السماء" يعني أنهم هم من وقع عليهم الفعل من فاعل آخر، أي طُردوا وأُنزلوا. ولو كان المقصود الذين سقطوا من تلقاء أنفسهم كما يدعي سيتشين، فإن الاسم العبري ليس نفيليم، بل نيفوليم. هذا بالإضافة إلى أن الإنجيل لم يذكر أبدا أن الذين سقطوا أو أسقطوا هم النيفيليم، بل أبناء الله، أي الملائكة العاصون، أما النيفيليم فهم ذرية هؤلاء الملائكة من بنات البشر. 

هناك أيضا اسم آخر يمكن اشتقاقه من الفعل نفل. وهو في صيغة الفاعل، ويعني "المغيرون"، أي الذين ينزلون أو يغيرون على أعدائهم. وهذا أيضا لا يخدم ادعاء سيتشين، لأن صيغة الجمع منه هي: نوفليم وليس نفيليم. وهكذا، فإن التحليل اللغوي لجذر الكلمة يجعل ربطها بفعل نَفَلْ أي يسقط غير ممكن، ولهذا استقر النحويون العبريون على احتمالين اثنين، كلاهما من اللغة الأرامية. ذلك أن الإنجيل العبري جمعه اليهود خلال فترة الأسر البابلي أو النفي البابلي، وحينها كان اليهود يتحدثون الأرامية، ولهذا نجد كلمات أرامية كثيرة في الإنجيل العبري. هذه الكلمة الأرامية نفل تعني حسب الاحتمال الأول للمعنى: الأشرار أو الطغاة أو المفسدون. أما الاحتمال الثاني للمعنى فهو: العمالقة. وهو الاحتمال الأقوى الذي جعل النحويين يرتكزون عليه، لأنه يتوافق تماما مع تصريف الكلمة ويخدم السياق بشكل صحيح. فالكلمة المفردة هي نفيلا وتعني بالأرامية عملاق، وجمعها نفلين: عمالقة. ذلك أن تكوين الجمع في الأرامية يتم بإضافة الجذر “in” إلى نهاية الكلمة المفردة، وهكذا، حينما نُقلت الكلمة إلى العبرية أُضيف لها الجذر العبري “im” الذي يفيد صيغة الجمع. ولهذا، اتفقت بالإجماع جميع النصوص اليهودية القديمة على كلمة العمالقة كمعنى لكلمة نيفيليم. 

بالعربية تترجم أيضا إلى كلمة الطغاة، وبالإنجليزية Giants. ويوصفون أيضا بأنهم جبابرة بالعربية، Mighty men بالإنجليزية، و Gibborim بالعبرية. هناك أيضا أدلة أخرى من الإنجيل غير سفر التكوين، كسفر يشوع وسفر التثنية وسفر العدد، حيث نقرأ في هذا الأخير كمثال أن الذين أرسلهم موسى ﷺ لأرض كنعان ليأتوا بأخبار الأقوام التي يسكنوها رأوا هناك قوم بني عناق، الذين هم من سلالة النيفيليم أو الجبابرة، العمالقة. 


اضغط على الصورة لتكبيرها

كخلاصة لهذا الكلام، ادعاءات سيتشين بخصوص النيفيليم والإلوهيم لا تتوافق مع ما هو مذكور بالإنجيل ولا تتوافق مع قواعد اللغة العبرية. فالإيلوهيم عند سيتشين هي الآلهة الأنوناكي خالقة البشر، والنيفيليم هي أبناء تلك الآلهة التي نزلت إلى الأرض وتزاوجت مع النساء البشريات، بينما الكلمتان في الإنجيل مختلفان تماما. فـ إيلوهيم تشير إلى الإله الواحد خالق الكون والبشر، وتكتب في صيغة جمع التعظيم وليس الجمع العددي. أما أبناء الله فليسوا هم النيفيليم، بل هم الملائكة، والنيفيليم هم ذرية هؤلاء الملائكة العاصين الذين تزوجوا ببنات آدم. 

هكذا نختم هذا الجزء بخصوص ادعاءات وتصورات سيتشين حول الحضارة السومرية، وسيكون لنا عودة إن شاء الله تعالى مستقبلا بتوفيقه وتيسيره، مع حلقات جديدة حول قصص الخلق السومرية وملاحمها وعلاقاتها بالديانات السماوية وغيرها من المواضيع المرتبطة. 

تقبلوا تحياتي وتقديري، ووفقنا الله تعالى جميعا للحق. دمتم في رعايته والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.


 
اضغط على الصور لتكبيرها