كيف تعمل الصواريخ في الفضاء


اضغط على الصورة لتكبيرها



من بين الأمور التي يؤمن بها المعتقدون بسطحية الأرض (الأرض المسطحة) موضوع استحالة عمل الصواريخ في الفضاء. هذا الإيمان ينبني على سببين أو عاملين اثنين. الأول هو احتياج الصواريخ للأوكسجين من أجل حرق الوقود، ولعدم وجود أوكسجين في الفضاء فإن احتراق الوقود مستحيل. والثاني هو احتياج الصواريخ للهواء من أجل أن تندفع للأمام مثل الطائرات، وغياب الهواء في الفضاء يجعل الأمر مستحيلا. 

الجانب الأول المتعلق بحرق الأوكسجين ينم عن جهل بآلية عمل الصواريخ وبينتها الداخلية، فهي لا تستخدم الأكسجين الموجود بالغلاف الجوي من أجل حرق الوقود، بل هي مزودة بمخزونها الخاص من الأوكسجين. 



فالصواريخ التي تعمل بالوقود السائل، تضم حجرتين داخليتين، إحداهما تحتوي على الوقود السائل، والأخرى تحتوي على الأكسجين السائل، كلتاهما تتصلان بحجرة ثالثة، هي غرفة الاحتراق. بينما الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب تحتوي على حجرة واحدة تضم كلا العنصرين معا، الوقود والأكسجين، ويتم حرقهما في حجرة الاحتراق. وهكذا، فالصواريخ لا تحتاج أصلا للأوكسجين الخارجي حتى تعمل في الفضاء. 

الجانب الثاني المتعلق باحتياج الصواريخ للهواء في الفضاء حتى تندفع للأمام ينم أيضا عن سوء فهم لبعض أساسيات الفيزياء. نتحدث هنا بالتحديد عن قانون نيوتن الثالث. فكما هو معروف، يفيد هذا القانون بأن لكل فعلٍ دائما ردُّ فعلٍ مساو له في الشدة ومعاكس له في الاتجاه. فالقوة التي يبذلها جسم (أ) على جسم (ب) لا بد أن تكون من نفس الحجم ولكن في اتجاه معاكس للقوة التي يبذلها الجسم (ب) على الجسم (أ). 



مثلا، يتحرك السباح في الماء بتحريك يديه أو رجليه أو كلاهما إلى الخلف، هذه القوة التي يسلطها على الماء تقابلها قوة أخرى من الماء على السباح معاكسة لها، مما ينتج عنها اندفاع السباح للأمام. وهذا الأمر ينطبق أيضا على الطائرات العادية وطائرات الهليكوبتر وكذلك الطيور، فهي تطبق قوة على الهواء ينتج عنها قوة تدفعها في الاتجاه المعاكس حيث تود الطيران.



بالعودة للصواريخ، فهي لا تحتاج إلى الهواء حتى تندفع إلى الأمام وتطير أينما تريد في الفضاء. فآلية عملها ترتكز على توفير الدفع الآلي داخليا. حينما يشتعل الوقود داخل حجرة الاحتراق فهو يولّد ضغطا هائلا بسبب تحول الوقود إلى غازات. 

كمية هذه الغازات الهائلة تحتاج إلى مخرج حتى يتم تصريفها، ولهذا المخرج الوحيد المخصص لها موجود بمؤخرة الصاروخ. فالقوة التي تندفع بها الغازات نحو الخارج تسلط بدورها قوة عكسية ينتج عنها تحرك الصاروخ نحو الأمام. 



داخل الغلاف الجوي للأرض، يسلط الهواء مقاومة عكسية على الصاروخ تقلل من سرعته الحقيقية، وذلك لاحتكاك جسم الصاروخ بذرات وجزيئات الغازات المكونة للهواء، بينما لا توجد بالفضاء ذرات وجزيئات من هذا القبيل أو بهذه الكثافة، مما يجعل حركة الصاروخ أسهل بكثير لعدم وجود مقاومة. وبحسب قانون نيوتن الأول، فإن الجسم المتحرك بسرعة ثابتة في خط مستقيم يبقى على هذه الحالة ما لم تؤثر عليه قوة خارجية. وهكذا نستنتج أن الصواريخ تعمل في الفضاء، بل تعمل بشكل مثالي.