خلاصة: القرآن الكريم وأسطورة الاسكندر الأكبر


اضغط على الصورة لتكبيرها


هناك من يدعي أن القرآن الكريم نقل أو سرق قصة يأجوج ومأجوج من أسطورة أو ملحمة الاسكندر الأكبر ولفقها على أساس أنها وحي رباني. وبالتالي هي دليل على بطلان صحة القرآن الكريم لأنه يكرس الأساطير الغابرة. 

حسنا، بداية، كون أسطورة أو ملحمة الإسكندر ذكرت قصة يأجوج ومأجوج فهل هذا يعني أنها أسطورة؟ 

يعني، بعبارة أخرى، هل الوقائع والأحداث المذكورة في أسطورة الاسكندر كلها أساطير؟

الجواب بطبيعة الحال لا، وهذا كلام المتخصصين في تنقيح تلك النصوص. 

النسخ الحالية لأسطورة أو ملحمة الاسكندر The Romance of Alexander لا تعتمد في مصادرها على النصوص الأصلية إلا في جزء بسيط منها، وذلك لأن المخطوطات الأصلية لم يسلم منها إلا أجزاء معدودة. 

وإنما تعتمد بالأساس على المصادر التي تعتبر ثانوية لأنها ألفت بعد موت الاسكندر بقرون، وحتى بعض مؤلفيها مجهولوا الهوية، ونسبت لبعض مؤلفي المخطوطات الأصلية اعتباطا فقط، ولهذا نجد مثلا كاليستيناس المزيف Pseudo Callisthenes. فهناك جزء أصلي كتبه كاليستيناس الحقيقي، لكن هناك أجزاء لاحقة نسبت إليه لم يكتبها هو، لأنها ألفت بعد موته، ولهذا يسمى بالمزيف. 

ملحمة الاسكندر تحتوي على وقائع صحيحة، وأيضا وقائع أسطورية، سواء حدثت أو لم تحدث، وسواء نسبت له زورا أو حقيقة فليس هناك من وسيلة لمعرفة ذلك. وبالتالي، فإن قصصا مثل لقاء الاسكندر مع أقوام بوجوه على صدورهم أو مخلوقات مجنحة وغريبة من السهل القول بأنها خرافية، أما حروب الاسكندر وفتوحاته وصداماته مع الامبراطوريات والممالك المجاورة فلا ضير من التسليم بصحتها في ظل وجود شواهد أخرى على ذلك. 

وحينما ذكر القرآن الكريم قصة يأجوج ومأجوج، فهو يحكي لنا قصة وقعت في الماضي، وأسطورة الاسكندر ليس بالضرورة المصدر الأصلي لها، بل هي أيضا نقلتها عن أحداث ماضية. 

فالشبهة إن كانت حول أسطورية القصة، فليس هناك ما يؤكد أنها أسطورة، أما إن كانت الشبهة حول نقل القرآن للقصة من ملحمة الإسكندر فليس هناك دليل على هذا النقل سوى تشابه الأحداث، والقول بأن الملحمة أقدم من القرآن هو الدليل فهذا كلام غير علمي وغير أكاديمي. فكونها سبقت في ذكر القصة لا يعني أنها مصدرها الوحيد.

على العموم، مثيروا الشبهات لا يبحثون أصلا عن إجابات، وإنما يثيرونها فقط ويرفضون أي رد عليها، وبالتالي، هذا الرد ليس موجها إليهم، وإنما فقط أردت توضيح الأمر.

0 comments:

إضغط هنا لإضافة تعليق

إرسال تعليق

Blogger Widgets